هل الشيعة تغالي في أئمة أهل البيت؟

09:38 - 2021/04/18

-من القضايا التي يشنّع بها الوهابية على الشيعة حبّهم للإمام عليّ‌ و الأئمّة من ولده، و هم يقولون بأنّ‌ الشيعة يغالون في هذا الحب! و لكن الشيعة لم يغالوا في حبّهم للأئمّة، بل أنزلوهم المنزلة المعقولة التي بوّأهم فيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).

غلو الشيعة,مغالاة الشيعة,الشيعة

الغلو هو الخروج عن الحقّ‌ و اتّباع الهوى حتى يصبح المحبوب هو الإله المعبود، و هذا كفر و شرك لا يقرّ به أي مسلم يعتقد برسالة الاسلام و نبوّة محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و قد وضع الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) حدودا لهذا الحبّ‌ عند ما قال للإمام علي (عليه السّلام): «هلك فيك اثنان: محبّ‌ غال و مبغض قال»، و قوله: «يا علي، إنّ‌ فيك مثلا من عيسى بن مريم، أبغضته اليهود حتى بهتوا امّه، و أحبّه النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس بها».[1]
و هو المعنى المرفوض للغلوّ أن يطغى الحبّ‌ حتى يؤلّه المحبوب و ينزله منزلة ليس فيها، أو أن يطغى البغض حتى يصل درجة البهت و الإتهام الباطل.
و من الامور التي يشنّع بها الوهابية على الشيعة حبّهم للإمام عليّ‌ و الأئمّة من ولده، و هم يقولون بأنّ‌ الشيعة يغالون في هذا الحب! و لكن الشيعة لم يغالوا في حبّهم للأئمّة، بل أنزلوهم المنزلة المعقولة التي بوّأهم فيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و هي أنّهم أوصياء النبي و خلفاؤه، و لم يقل أحد بنبوّتهم فضلا عن الوهيتهم، أمّا الاتّهامات الموجّهة للشيعة بأنّهم ألّهوا عليّا و جعلوه ربّا‌، فهؤلاء -ان صحّ‌ الخبر- لم يكونوا فرقة و لا مذهبا و لا شيعة و لا خوارج.
و ما هو ذنب الشيعة إذا كان ربّ‌ العزّة و الجلالة يقول: قُلْ‌ لاٰ أَسْئَلُكُمْ‌ عَلَيْهِ‌ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ‌ فِي الْقُرْبىٰ‌[2] و المودّة - كما هو معلوم - أكبر من الحبّ‌.
و ما ذنب الشيعة إذا كان الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) يقول: «يا عليّ‌ أنت سيد في الدنيا و سيّد في الآخرة، من أحبّك فقد أحبّني، و من أبغضك فقد أبغضني، و حبيبك حبيب اللّه، و بغيضك بغيض اللّه، و الويل لمن أبغضك».[3]
و قال أيضا: «من مات على حبّ‌ آل محمد مات شهيدا، ألا و من مات على حبّ‌ آل محمد مات مغفورا له، ألا و من مات على حبّ‌ آل محمد مات تائبا، ألا و من مات على حبّ‌ آل محمد مات مؤمنا مستكمل الإيمان، ألا و من مات على حبّ‌ آل محمد بشّره ملك الموت بالجنّة...».[4]
و ما هو ذنب الشيعة إذا كانوا يحبّون رجلا قال فيه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «لأعطينّ‌ الراية غدا إلى رجل يحبّ‌ اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله كرّارا ليس فرّارا امتحن اللّه قلبه للإيمان».[5]
و إذا كان حبّ‌ عليّ‌ و أهل البيت بصفة عامّة هو حبّ‌ لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) فعلينا أن نعرف مدى هذا الحبّ‌ المطلوب لدى المسلمين، حتى نعرف إن كان هناك غلوّ كما يزعمون.
قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ‌ إليه من ولده و والده و الناس أجمعين»[6] و على هذا الأساس فلا بدّ أن يحبّ‌ المسلم عليّا و أولاده الأئمّة الطاهرين أكثر من الناس أجمعين بما في ذلك الأهل و الأولاد، و لا يتمّ‌ الإيمان إلاّ بذلك، لأنّ‌ رسول اللّه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ‌ إليه...».
فالشيعة إذن لا يغالون، و إنّما يعطون كلّ‌ ذي حقّ‌ حقّه، و قد أمرهم رسول اللّه أن ينزّلوا عليّا بمنزلة الرأس من الجسد و بمنزلة العينين من الرأس، فهل هناك من الناس من يتنازل عن عينيه أو عن رأسه‌؟! و بالمقابل، أ ليس الوهابية يغالون في حبّهم للصحابة و ذلك عند ما يتعدّون حدود المنطق عند ما يقولون بعدالتهم أجمعين، و قد شهد اللّه و رسوله بأنّ‌ فيهم الفاسقين و المارقين و القاسطين و المنافقين.
أ ليس من الغلو اتّهام الرسول بالخطأ و انّ‌ الصحابي يصوّب خطأه هذا؟!
أ ليس من الغلو القول بأنّ‌ الشيطان يلعب و يمرح بحضرة النبيّ‌ و لكنّه يهرب من عمر؟!
أ و ليس من الغلو القول: لو أصاب اللّه المسلمين بمصيبة - بما فيهم رسول اللّه - لم يكن ينج منها إلاّ ابن الخطّاب‌؟!
جدير بالذكر أن هذه التهم ليست بجديدة، حيث كتب الأستاذ أحمد أمين في «فجر الإسلام» قبل أكثر من نصف قرن إذ قال: «إن التشيع مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد و من يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية و نصرانية و زرادشتية. إلى أن قال: فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة. قال الشيعة: إن النار محرّمة على الشيعي إلا قليلا. و قال اليهود: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة. و النصرانية ظهرت في التشيع في قول بعضهم إن نسب الإمام إلى اللّه كنسبة المسيح إليه. و قالوا إن اللاهوت اتحد بالناسوت في الإمام. و إن الرسالة لا تنقطع أبدا، فمن اتّحد به اللاهوت فهو نبي. و تحت التشيع ظهر القول بتناسخ الأرواح و تجسيم اللّه و الحلول، و نحو ذلك من الأقوال التي كانت معروفة عند البراهمة و الفلاسفة و المجوس قبل الإسلام .[7]
لقد سجل العلامة محمد الحسين آل كاشف الغطاء، صاحب كتاب «أصل الشيعة و أصولها» أن أحمد أمين زار النجف الأشرف في عام  1349 ه‍‌، مع وفد مصري ضم 30 أستاذا، بعد أن ذاع كتابه فجر الإسلام و أحدث صداه السلبي بين علماء الشيعة. فعاتبناه عتابا خفيفا و صفحنا عنه صفحا جميلا و أردنا أن نمر عليه كراما و نقول له سلاما، و كان أقصى ما عنده من الاعتذار عدم الاطلاع و قلة المصادر.[8]

المصادر:
[1] . المستدرك للحاكم 133:3 ح 4622، خصائص النسائي 137:5 ح 8488.
[2] . الشورى: 23.
[3] . المستدرك للحاكم 138:3 ح 4640 (قال: حديث صحيح على شرط‍‌ الشيخين).
[4] . تفسير الكشاف للزمخشري 467:3، تفسير الفخر الرازي 166:27.
[5] . صحيح البخاري 1357:3 ح 3499 كتاب فضائل الصحابة، صحيح مسلم 360:2 باب فضائل عليّ‌ بن أبي طالب.
[6] . صحيح البخاري 14:1 كتاب الإيمان، باب حب الرسول من الأيمان.
[7] . فجر الإسلام، احمد امین، ص 276.
[8] . أصل الشيعة و أصولها، محمد حسین کاشف الغطاء، ص 82.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
6 + 14 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.