دواء ناجع

10:09 - 2021/07/31

إنّ القرآن وصفة لمعالجة كل المشاكل و الصعوبات و الأمراض، و لشفاء الفرد و المجتمع من أشكال الأمراض الأخلاقية و الاجتماعية. وأفضل دليل لإثبات هذه الحقيقة هي مقايسة وضع العرب في الجاهلية مع وضع الذين تربوا في مدرسة الرّسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في مطلع الإسلام. إنّ المقايسة بين الوضعين ترينا كيف أنّ أولئك القوم المتعطشون للدماء، و المصابون بأنواع الأمراض الاجتماعية و الأخلاقية، قد تمّ شفاؤهم ممّا هم فيه بالهداية القرآنية، و أصبحوا برحمة كتاب اللّه من القوّة و العظمة بحيث أنّ القوى السياسية المستكبرة آنذاك خضعت لهم أعنّتها، و ذلت لهم رقابها.

القرآن,العلاج,الشفاء

إنّ الأسقام الروحية و الأخلاقية تشبه جدا الأمراض الجسمية للإنسان، فالإثنان يقتلان، و الاثنان بحاجة إلى طبيب و علاج و وقاية، و الاثنان قد يسريان للآخرين، و يجب في كل منهما معرفة الأسباب الرئيسة ثمّ معالجتها. و في كل منهما قد يصل الحال بالمصاب الى عدم امكانية العلاج، و لكن في أكثر الأحيان يتم علاجها و الشفاء منها، إلّا أنّ العلاج قد لا ينفع في أحيان أخر.
إنّه شبه جميل و ذو معاني متعدّدة فالذكر الحكيم يعتبر وصفة شفاء للذين يريدون علاج الجهل و الكبر و الغرور و الحسد و النفاق ... القرآن وصفة شفاء لمعالجة الضعف و الذّلة و الخوف و الاختلاف و الفرقة. و كتاب اللّه الأعظم وصفة شفاء للذين يئنّون من مرض حبّ الدنيا و الارتباط بالمادة و الشهوة. و القرآن وصفة شفاء لهذه الدنيا التي تشتعل فيها النيران في كل زاوية، و تئن من وطأة السباق في تطوير الأسحلة المدمرة و خزنها، حيث وضعت رأس مالها الاقتصادي و الإنساني في خدمة الحرب و تجارة السلاح.
و أخيرا فإنّ كتاب اللّه وصفة شفاء لإزالة حجب الشهوات المظلمة التي تمنع من التقرب نحو الخالق عزّ و جلّ. نقرأ في التنزیل قوله تعالى: قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ.[1] وقوله تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ.[2]
إنّ القرآن وصفة لمعالجة كل المشاكل و الصعوبات و الأمراض، و لشفاء الفرد و المجتمع من أشكال الأمراض الأخلاقية و الاجتماعية. وأفضل دليل لإثبات هذه الحقيقة هي مقايسة وضع العرب في الجاهلية مع وضع الذين تربوا في مدرسة الرّسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في مطلع الإسلام. إنّ المقايسة بين الوضعين ترينا كيف أنّ أولئك القوم المتعطشون للدماء، و المصابون بأنواع الأمراض الاجتماعية و الأخلاقية، قد تمّ شفاؤهم ممّا هم فيه بالهداية القرآنية، و أصبحوا برحمة كتاب اللّه من القوّة و العظمة بحيث أنّ القوى السياسية المستكبرة آنذاك خضعت لهم أعنّتها، و ذلت لهم رقابها.
و هذه هي نفس الحقيقة التي تناساها مسلمو اليوم، و أصبحوا على ما هم عليه من واقع بائس مرير غارق بالأمراض و المشاكل ... إنّ الفرقة قد اشتدت بينهم، و الناهبين سيطروا على مقدراتهم و ثرواتهم، مستقبلهم أصبح رهينة بيد الآخرين بعد أن أصيبوا بالضعف و الهوان بسبب الارتباط بالقوى الدولية و التبعية الذليلة لها.
و هذه هي عاقبة من يستجدي دواء علّته من الآخرين الذين هم اسوأ حالا منه، في حين أن الآخرين، ليأخذ منهم علاج الدواء حاضر بين يديه و موجود في منزله! القرآن لا يشفي من الأمراض و حسب، بل إنّه يساعد المرضى على تجاوز دور النقاهة إلى مرحلة القوّة و النشاط و الانطلاق، حيث تكون (الرحمة) مرحلة لا حقة لمرحلة (الشفاء).
الظريف في الأمر أنّ الأدوية التي تستخدم لشفاء الإنسان لها نتائج و تأثيرات عرضية حتمية لا يمكن توقيها أو الفرار منها، حتى أنّ الحديث المأثور يقول: «ما من دواء إلّا و يهيج داء».[3]
أمّا هذا الدواء الشافي، كتاب اللّه الأعظم، فليست له أي آثار عرضية على الروح و الأفكار الإنسانية، بل على عكس ذلك كله خير و بركة و رحمة. و في واحدة من عبارات نهج البلاغة نقرأ في وصف هذا المعنى قول علي (عليه السّلام): «شفاء لا تخشى أسقامه» واصفا بذلك القرآن الكريم.[4]
يكفي أن نتعهد باتباع هذه الوصفة لمدّة شهر، نطيع الأوامر في مجالات العلم و الوعي و العدل و التقوى و الصدق و بذل النفس و الجهاد ... عندها سنرى كيف ستحل مشاكلنا بسرعة. و أخيرا ينبغي القول: إنّ الوصفة القرآنية حالها حال الوصفات الأخرى، لا يمكن أن تعطي ثمارها و أكلها من دون أن نعمل بها و نلتزمها بدقة، و إلّا فإنّ قراءة وصفة الدواء مائة مرّة لا تغني عن العمل بها شيئا![5]

المصادر:
[1] . يونس: 57.
[2] . فصلت: 44.
[3] . وسائل الشیعة، ج2، ص408.
[4] . نهج البلاغة، خ198.
[5] . الامثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج9، ص100.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
9 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.