قالوا إن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلّم في آخر ایام عمره ارسل ابابكر بدل نفسه لإقامة الصلاة في المسجد فهذا اشارة الي اهلیة ابي بكر للخلافة حتی لا تختلف الاصحاب في تعيين الخلیفة.
الروايات الواردة في ذلک مع غض النظر عن سندها٬ ففي دلالتها یوجد من الإشکال ما ینفي الاعتماد علی هذه الروايات بل و لا تدل الصلاة بالناس علی الخلافة!
قالوا إن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلّم في آخر ایام من عمره و في حین انه طریح الفراش، ارسل ابابكر بدل نفسه لإقامة الصلاة في المسجد فهذا اشارة الي اهلیة ابي بكر و استحقاقه للخلافة حتی لا تختلف الاصحاب في تعيين الخلیفة و الإمام و لا تتحیر.
الجواب: اهم الروايات الواردة في «الاستخلاف» أو خلافة ابي بكر عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلّم للصلاة في اواخر الایام من عمره الشريف تذکر فی المجموع احد عشر رواية، تحتوي رواية عن الموطأ لمالك و عشر روايات عن صحيح البخاري سنذکر بعضها و مع غض النظر عن سندها ففي دلالتها ایضا یوجد من الإشکال ما ینفي الاعتماد علی هذه الروايات.
رواية كتاب الموطأ لمالك
«وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - خَرَجَ فِي مَرَضِهِ، فَأَتَي فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - أَنْ كَمَا أَنْتَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - إِلَي جَنْبِ أبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - وَهُوَ جَالِسٌ، وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أبِي بَكْر»ٍ.[1]
الرواية الأولی للبخاري
«... قَالَ الأَسْوَدُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَي الصَّلاَةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا ، قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأُذِّنَ ، فَقَالَ « مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» ...فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّي ، فَوَجَدَ النَّبِيُّ - صلي الله عليه وسلم - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً ، فَخَرَجَ يُهَادَي بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صلي الله عليه وسلم - أَنْ مَكَانَكَ ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّي جَلَسَ إِلَي جَنْبِهِ . قِيلَ لِلأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِيُّ - صلي الله عليه وسلم - يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاَتِهِ ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ . وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا».[2]
الرواية الثانیة للبخاري
«... عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - فِي نَفْسِهِ خِفَّةً ، فَخَرَجَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ كَمَا أَنْتَ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - حِذَاءَ أَبِي بَكْرٍ إِلَي جَنْبِهِ ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلي الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ».[3]
أقول: مما یدل علی أن هذا الخبر مزیف انه مخالف لما ثبت في الشرع. فإنا نقول: هل تجوز صلاة القائم خلف الجالس أم لا بما أن النبی (صلی الله علیه و آله وسلم) کان یصلي جالسا؟
إذا کانت تجوز فما معنی صلاة الناس بأبي بکر؟ و إنما کان الصحیح أن یصلوا بالنبي (صلی الله علیه و آله وسلم).
و إذا لم تجز فصلاة أبي بکر باطلة!
الرواية الثالثة للبخاري
«...عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ - صلي الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ « مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ» ...فَصَلَّي وَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلي الله عليه وسلم - يُهَادَي بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الأَرْضَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ، فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - وَقَعَدَ النَّبِيُّ - صلي الله عليه وسلم - إِلَي جَنْبِهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِير».َ[4]
أما هذا الخبر فإنه یصرح بأن ابابکر کان یسمع الناس التکبیر فقط!!
اضف الی ذلک أن الصلاة بالناس لاتدل بل و لا تُشعر علی الخلافة في جمیع الأمور!
المصادر
[1] . الموطّأ، مالك (179 هـ )، ج 1، ص .136 .
[2] . صحيح البخاري ، محمد بن اسماعيل ( 256 هـ ) ، ج 1 ، ص 161 ، كتاب الاذان ، باب حد المريض ان يشهد الجماعة.
[3] . صحيح البخاري ، محمد بن اسماعيل ( 256 هـ ) ، ج 1 ، ص 167 . كتاب الاذان ، باب من قام الي جنب الامام لعلة
[4] . صحيح البخاري ، محمد بن اسماعيل ( 256 هـ ) ، ج 1 ، ص 174 . كتاب الاذان ، باب من اسمع الناس بتكبير الامام.