اختلف العلماء في حکم التكفير الذی هو وضع اليدين علی الصدر. فمنهم من قال باستحبابه و منهم من قال بکراهته في الصلاة الواجبة اما الشیعة قالوا بحرمته لأنه بدعة لم یصدر عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم.
التكفير لغةً وضع اليدين علی الصدر، والانحناء، خضوعا واستكانة [1]بأن يخضع الإنسان لغيره كما يكفر العلج للدهاقين، يضع يده علی صدره ويتطامن له.[2]
إن الله جعل النبي صلی الله عليه و آله و سلم اسوة للمسلمین «قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ».[3] قال رسول الله صلی الله عليه و آله و سلم : صلوا كما رايتموني أصلي.[4] هذا مقتضی وجوب كل ما فعله النبي صلي الله عليه و آله وسلم الا ما خرج وجوبه بدليل كرفع اليدين و نحوه.[5] فلنری کیفیة صلاته: روی محمد بن عمر وابن عطاء قال : سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم منهم أبو قتادة فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلی الله عليه وسلم قالوا : فأعرض قال : كان رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إذا قام إلی الصلاة يرفع يديه حتی يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتی يقر كل عظم في موضعه معتدلا ثم يقرأ ثم يكبر فيرفع يديه حتی يحاذي بهما منكبيه ثم يركع ويضع راحتيه علی ركبتيه ثم يعتدل فلا يصوب رأسه ولا يقنعه ثم يرفع رأسه ويقول سمع الله لمن حمده ثم يرفع يديه حتی يحاذي منكبيه معتدلا ثم يقول : الله أكبر ثم يهوي إلي الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسری فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ويسجد ثم يقول الله أكبر ويرفع ويثني رجله اليسری فيقعد عليها حتی يرجع كل عظم إلی موضعه ثم يصنع في الأخری مثل ذلك ....قالوا : صدقت هكذا كان يصلي صلی الله عليه وآله وسلم.[6]
قال الترمذي فیه: حديث حسن صحيح.
فلا تری أثرا للتکتف في هذا الخبر.
رأی علماء العامة
لم یجب التکفیر عند احد من اتباع المذاهب الأربعة فلم یکن من واجبات الصلاة بل يسن وضع اليد اليمنی علي اليسری تحت سرته أو فوقها وهو سنة باتفاق ثلاثة من الأئمة.[7] فعمل الشيعة لم یکن ترك واجب بل أقصی ما یقال أنه ترك عمل مستحب.
بل المالكية حتی لم یقتنعوا باستحباب التكفیر في الصلاة الواجبة. قال مالك (المتوفي 176ق): لا أعرف ذلك في الفريضة. وكان يكرهه ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به علی نفسه.[8]
قال السمرقندي الحنفي ناقلا عن مالک: السنة هي ارسال اليدين حالة القيام. [9]
والسبب في اختلافهم أنّه قد جاءت آثار ثابتة نقلت فيها صفة صلاته صلی الله عليه وآله وسلم، ولم ينقل فيها أنّه كان يضع يده اليمني علي اليسري.[10]
عمدة الأدلة علی التکفیر فی الصلاة رواية البخاري: روي عن عَبْد اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَی عَلَي ذِرَاعِهِ الْيُسْرَي فِي الصَّلاَةِ . قَالَ أَبُو حَازِمٍ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ يَنْمِي ذَلِكَ إِلَي النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم. قَالَ إِسْمَاعِيلُ يُنْمَی ذَلِكَ. وَلَمْ يَقُلْ يَنْمِي.[11]
لکنها لم تدل علی أن النبی صلی الله عليه وآله وسلم أمر بذلک.
و لو قیل ان التکفیر في الصلاة یدل علی نوع من الاحترام و الخشوع لله عزوجل.
نقول: إن الصلاة من الامور التعبدية التي اوجبها الله تعالی و افعالها و اذكارها ایضا تعبدية فهذه الدعوی بدعة من الأساس معناها نفي علم النبي صلی الله عليه وآله وسلم بطریقة اقامة الصلاة عن خشوع.
التکفیر عند الشیعة
أما قول أئمتنا عليهم السلام :عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قلت له : الرجل يضع يده في الصلاة و روي اليمنی علی اليسری فقال : ذلك التكفير لا تفعله.[12] وعن الامام الباقر عليه السلام: لا تُكَفِّر فإنما يصنع ذلك المجوس.[13]
و أما عند فقهاء الإماميّة فالمشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا بل في الخلاف والغنية والدروس وعن الانتصار الاجماع علی عدم جوازه في الصلاة. [14]
المصادر
[1] . النهاية في غريب الحديث، ج 4، ص 100.
[2] . الصحاح، ج 2، ص 808.
[3] . الاحزاب ۲۱.
[4] . صحيح البخاري ج 1 ص 155 , كتاب الاذان باب الاذان للمسافر اذا كان جماعة ....
[5] . المجموع للنووی، ج 3، ص 290 .
[6] . سنن ابن ماجه ، ج 1، ص 280 ، سنن أبي داود، ج 1، ص 170 كتاب الصلاه باب استفتاح الصلاه ، سنن الترمذي، ج 1، ص 188 باب ما جاء في وصف الصلاه ، مسند أحمد ج 5، ص 424، سنن الدارمي ، ج 1، ص 314 كتاب الصلاة باب صفة صلاة رسول الله ، السنن الكبري للبيهقي، ج 2، ص 72 ، عمدة القاري، ج 6، ص 104 ' صحيح ابن حبان ج 5 ص 196.
[7] . الفقه علي المذاهب الاربعة ج 1 ص 251 ، كتاب الصلاة با ب وضع اليد اليمنی علی اليسری في الصلاة ، الفقه علی المذاهب الاربعه ج 1 ص 285 المكتبة الشاملة اصدار اول .
[8] . المدوّنة الكبری امام مالك : ج 1 ص 74 (الاعتماد في الصلاة و الاتكاء و وضع اليد علی اليد).
[9] . تحفة الفقهاء، ج 1، ص 126، كتاب الصلاة باب افتتاح الصلاة (سننه).
[10] . بداية المجتهد، ج 1، ص 112، كتاب الصلاة طبعة دارالفكر.
[11] . صحيح البخاري: ج 1، ص 181، ح 740، كتاب الأذان، ب 87، باب وَضْعِ الْيمْنَي عَلَي الْيُسْرَي.
[12] . وسائل الشيعة (آل البيت): 265/7،ح 9295، التهذيب: 84/2 ح 310.
[13] . وسائل الشيعة (آل البيت): 266/7، ح 9296، الكافي: 299/3 ح 1، التهذيب: 84/2 ح 309.
[14] . جواهر الكلام، ج 11، ص 15.