لم يذكر أحد من المهاجرين والأنصار حديث الغدير في مجتمع السقيفة لأن ذکره یخالف مااجتمعوا من أجله و أصحاب علي بن أبی طالب کانوا مشغولین بدفن النبي صلى الله عليه و آله.
قیل: لماذا لم يذكر أحد من المهاجرين والأنصار حديث الغدير في مجتمع السقيفة، رغم أنه مؤكد من جانب النبي صلى الله عليه و آله سلم كانت السقیفة بعد أقل من عام عن صدوره ؟
الجواب: نعم كان ينبغي أن يتذكره جميع من حضر فريضة الحج في حجة الوداع و لو أن أتباع الإمام علي علیه السلام ذكروا هذا الحديث لكان مصير الإسلام مختلفاً. لکن اجتمع بعض الأنصار والمهاجرین في السقيفة لانتخاب شخص من عشيرتهم للخلافة لذلك كانت خطة الغدير ضد فلسفة اجتماعهم في السقیفة فلو أرادوا إثارة موضوع الغدير لما اجتمعوا فیها!
ثانیاً: عندما کان کثیر من الصحابة في معسكر أسامة وعندما قام أميرالمؤمنين علیه السلام ومجموعة من الصحابة المؤمنين بدفن جثمان رسول الله صلى الله عليه و آله سلم، اجتمع من اجتمع في السقیفة و فعل ما فعل. فلم یکن أمير المؤمنين علیه السلام ولا اتباعه ولا أحد من بني هاشم حاضراً في السقیفة بل كانوا إما مشتغلین بدفن رسول الله صلى الله عليه و آله سلم مع علي بن أبی طالب علیه السلام و إما في جيش أسامة فكيف يمكن أن يحتجوا بحديث الغدير ولم يكن أحد منهم حاضرًا؟!
ثالثاً: مما لا شك فيه أنه لا يمكن لأحد أن يدعي على وجه اليقين أن حديث الغدير لم يتم الاحتجاج به في السقيفة. لأنه خلال هذه القرون الأربعة عشر، بذل علماء السنة كل جهودهم لإزالة کل ما یدل علی ولایة أهل البيت علیهم السلام من كتبهم. كما ثبت أن سرد خصومات الصحابة إثم لا يغتفر في المذهب السني حتی ادعی بعضهم الإجماع على وجوب إزالة كل ما ورد في منازعة الصحابة.
يرى أحمد بن حنبل أنه إذا روى أحد خلاف الصحابة ونزاعهم فليعاقبه الحاكم ، وإذا لم يتب فليبقى في السجن حتى یموت.
قال أبو يعلى في طبقات الحنابلة: ومن الحجة الواضحة الثابتة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله كلهم أجمعين والكف عن ذكر مساويهم والخلاف الذي شجر بينهم... لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص. فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته وليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فإن تاب قبل منه وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يتراجع[1].
ویدعی ابن تيمية أن الإمساك عما شجر بين الصحابة كان من مذاهب أهل السنة.[2]
بل ان محمد بن عبد الوهاب يعتبر السكوت عن منازعة الصحابة إجماع أهل السنة فيقول: وأجمع أهل السنة علی السكوت عما شَجَر بين الصحابة رضي الله عنهم . ولا يقال فيهم إلا الحسنى. فمن تكلم في معاوية أو غيره من الصحابة فقد خرج عن الإجماع .[3]
یا تری! فبالنظر إلى هذه الرقابة الشديدة، والظروف العسیرة أمن المعقول أن نتوقع من أهل السنة أن يرووا كل أحداث السقیفة ويكتبوا ما يخالف معتقداتهم ؟!
رابعاً: لما فرغ علي علیه السلام من دفن النبی صلى الله عليه و آله سلم و رجع جیش أسامة هناک بدأ الأحتجاج بحدیث الغدیر و مطالبة الخلافة لعلي بن أبي طالب علیه السلام.
فعن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم أنها قالت : «أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه و آله سلم يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه وقوله لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام»
قال في نزهة الحفاظ متفق عليه و هذا الحديث مسلسل من وجه آخر وهو أن كل واحده من الفواطم تروي عن عمة لها. [4]
وروي أنه كان المهاجرون والأنصار لا يشكّون في علي علیه السلام فلما خرجوا من الدار قام الفضل بن العباس وكان لسان قريش فقال يا معشر قريش إنه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه ونحن أهلها دونكم وصاحبنا أولي بها منكم .
وقام عتبة بن أبي لهب فقال :
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف عن هاشم ثم منها عن أبي الحسن
عن أول الناس إيمانا وسابقة وأعلم الناس بالقرآن والسنن
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهم من كل صالحة وليس في القوم ما فيه من الحسن[5]
المصادر
[1] . طبقات الحنابلة، محمد بن أبي يعلى أبو الحسين (المتوفى521 هـ) ج 1 ، ص 30 ، ناشر : دار المعرفة - بيروت ، تحقيق : محمد حامد الفقي .
[2] . منهاج السنة النبوية، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس (المتوفى 728 هـ) ج 4 ، ص 448 ، ناشر : مؤسسة قرطبة - 1406 ، الطبعة : الأولى، تحقيق : د. محمد رشاد سالم .
[3] . مختصر السيرة، محمد بن عبد الوهاب (المتوفى 1206 هـ) ج 1 ، ص 322 ، ناشر: مطابع الرياض - الرياض، الطبعة : الأولى، تحقيق : عبد العزيز بن زيد الرومي ، د . محمد بلتاجي ، د . سيد حجاب .
[4] . نزهة الحفاظ ، محمد بن عمر الأصبهاني المديني أبو موسى (المتوفى 581هـ) ج 1 ، ص 102 ، ناشر : مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - 1406 ، الطبعة : الأولى، تحقيق : عبد الرضي محمد عبد المحسن.
[5] . تاريخ اليعقوبي ، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي (المتوفى 292 هـ) ج 2 ، ص 124 ، ناشر : دار صادر - بيروت .
نظرات
احسنت