طاعة علي هي نفس طاعة النبي!

12:21 - 2021/10/03

قد ثبتت عصمة النبي صلى الله عليه وآله بقوله تعالی: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ» و بما أن طاعة علي بن أبی طالب عليه السلام هي نفس طاعة النبي فهو أیضاً معصوم.

علي، النبي، الطاعة

قال الله تعالی: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّي فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفيظاً.[1]
هذه الآیة تنص علی عصمة النبي صلى الله عليه وآله وقد صرح بذلك کبار المفسرین. قال الفخر الرازي: قوله: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ» من أقوى الدلائل على أنه معصوم في جميع الأوامر والنواهي وفي كل ما يبلغه عن الله، لأنه لو أخطأ في شيء منها لم تكن طاعته طاعة الله وأيضا وجب أن يكون معصوما في جميع أفعاله، لأنه تعالى أمر بمتابعته في قوله: «فَاتَّبَعُوهُ»[2] والمتابعة عبارة عن الاتيان بمثل فعل الغير لأجل أنه فعل ذلك الغير، فكان الآتي بمثل ذلك الفعل مطيعاً لله في قوله: «فَاتَّبَعُوهُ» فثبت أن الانقياد له في جميع أقواله وفي جميع أفعاله، إلا ما خصه الدليل، طاعة لله وانقياد لحكم الله[3].
ونقل القرطبي عن جمهور من الفقهاء من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي: أن الأنبیاء معصومون من الصغائر كلها كعصمتهم من الكبائر أجمعها ؛ لأنا أمرنا بأتباعهم في أفعالهم وآثارهم وسيرهم أمرا مطلقا من غير التزام قرينة فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يمكن الأقتداء بهم إذ ليس كل فعل من أفعالهم يتميز مقصده من القربة والإباحة أو الحظر أو المعصية ولا يصح أن يؤمر المرء بأمتثال أمر لعله معصية.[4]
قال العلامة المظفر في كتاب عقائد الإمامية:
والدليل على وجوب عصمة النبي صلى الله عليه وآله: أنه لو جاز أن يفعل النبي صلى الله عليه وآله المعصية أو يخطأ وينسى، وصدر منه شئ من هذا القبيل، فأما أن يجب اتباعه في فعله الصادر منه عصيانا أو خطأ أو لا يجب، فإن وجب اتباعه فقد جوزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالي بل أوجبنا ذلك، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل، وإن لم يجب اتباعه فذلك ينافي النبوة التي لا بد أن تقترن بوجوب الطاعة أبدا. على أن كل شيء يقع منه من فعل أو قول فنحن نحتمل فيه المعصية أو الخطأ فلا يجب اتباعه في شيء من الأشياء فتذهب فائدة البعثة، بل يصبح النبي كسائر الناس ليس لكلامهم ولا لعملهم تلك القيامة العالية التي يعتمد عليها دائما. كما لا تبقى طاعة حتمية لأوامره ولا ثقة مطلقة بأقواله وأفعاله.[5]
ثم مما یثبت العصمة المطلقة لعلي بن أبي طالب عليه السلام هي رواية «مَنْ أَطَاعَ عَلِيًّا فَقَدْ أَطَاعَنِي» لأنه تثبت وفقًا لهذه الرواية الطاعة المطلقة لأمیرالمؤمنين عليه السلام وتصبح طاعته واجبة. وهذه الروایة نقلت لنا بأسناد مختلفة من طرق أهل السنة.
روی الحاکم النیسابوري:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبُرْنُسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَي، ثنا بَسَّامٌ الصَّيْرَفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَي اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَكَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَاكَ فَقَدْ عَصَانِي».
قال الحاكم النيسابوري بعدما  نقل هذه الرواية: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.[6]
أیضا روی بسند آخر وقال: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ الرَّازِيُّ بِمِصْرَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، ثنا بَسَّامٌ الصَّيْرَفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَي اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ عَلِيًّا فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَي عَلِيًّا فَقَدْ عَصَانِي».
قال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.[7] وأیضاً صححه الذهبي.[8]
فالطاعة المطلقة لرسول الله صلى الله عليه وآله، أقوى دلیل لعصمة الإمام عليه السلام ، لأن نفس هذه الطاعة المطلقة قد ثبتت لأمیرالمؤمنين عليه السلام ، فهو مثل رسول الله معصوم من الضلال والخطأ.
ولقد أمرنا الله جميعًا أن نطيع كل أوامر أمیرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كما یجب علینا طاعة جميع أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
فهذا الدليل على العصمة يجري عينا في الإمام عليه السلام ش، لأن المفروض فيه أنه منصوب من الله تعالى لهداية البشر وخليفة للنبي صلى الله عليه وآله.[9]

المصادر
[1] . النساء/80 .
[2] . الأنعام: 153 /155.
[3] و الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي (متوفاي604هـ)، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج10، ص154، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولی، 1421هـ - 2000م.
[4] . الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد (متوفاي671هـ)، الجامع لأحكام القرآن، ج1، ص308، ناشر: دار الشعب - القاهرة.
[5] . المظفر، الشيخ محمد رضا (متوفاي1381هـ)، عقائد الإمامية، ص54، ناشر: انتشارات أنصاريان ـ قم.
[6] . الحاكم النيسابوري، ابو عبدالله محمد بن عبدالله (متوفاي 405 هـ)، المستدرك علي الصحيحين، ج3، ص139، ح4641، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الأولى، 1411هـ - 1990م.
والإسماعيلي النيسابوري ، محمد بن إسماعيل بن مهران (متوفاي371هـ)، معجم أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي، ج1، ص485، تحقيق: زياد محمد منصور ، ناشر: العلوم والحكم ـ المدينة المنورة ، الطبعة: الأولى ، 1410-1990م.
والطبري، ابوجعفر محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد (متوفاي694هـ)، ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى، ج1، ص66 ، ناشر : دار الكتب المصرية - مصر.
والعاصمي المكي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي (متوفاي1111هـ)، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، ج3، ص33 ، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود- علي محمد معوض، ناشر: دار الكتب العلمية.
[7] . المستدرك على الصحيحين ج3، ص131، ح4617.
[8] . المستدرك على الصحيحين و بذيله التلخيص للحافظ الذهبي، ج3، ص121، كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر اسلام امير المؤمنين، طبعة مزيدة بفهرس الأحاديث الشريفة، دارالمعرفة، بيروت،1342هـ.
[9] . المظفر، الشيخ محمد رضا (متوفاي1381هـ)، عقائد الإمامية، ص54، ناشر: انتشارات أنصاريان ـ قم.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 19 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.