المغضوب عليهم

نطلب من الله في كل صلاة الهداية إلى الصراط المستقيم فنقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.[1]

فما الصراط المستقيم الذي لاينفك طلبه من الصلاه و نطلبه كل يوم 10 مرات على الأقل؟

فسر الله معناه في نفس السوره فقال: هو صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.

لكن يتوجه السؤال مرة أخرى من هم الذين انعم الله عليهم؟

وقد أجاب عنه في سورة النساء بأن المنعم عليهم هم الأنبياء و الصديقون و الشهداء و الصالحون. قال تعالى:

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ  وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا.[2]

ثم وضح لنا بأنهم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. فالمغضوب عليهم خارجون من الذين أنعم الله عليهم وبالطبع لا نطلب صراطهم.

لكن نتسائل من جديد: من هم المغضوب عليهم؟ حتى يتضح لنا الأمر غاية الوضوح.

المصدر الذي يجيب عن هذا السؤال هو القرآن و السنة. أما القرآن فقد ذكر موارد متعددة من الأمور التي تثير غضب الرب تعالى كالنفاق والشرك والكفر والطغيان و قتل المؤمن والفرار من الجهاد.

أما في السنة فمما يسبب غضب الله هو غضب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله.

وروى الحاكم النيسابوري باسناده عَنْ عَلِیٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَهَ: «إِنَّ اللَّهَ یَغْضَبُ لِغَضَبِکِ وَیَرْضَى لِرَضَاکِ».

قال الحاكم: هَذَا حَدِیثٌ صَحِیحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ یُخَرِّجَاهُ.[3]

وروى البخاري باسناده ‏عن‏ ‏المسور بن مخرمة ‏ أن رسول الله (ص) ‏ ‏قال: ‏‏فاطمة  ‏بضعة مني فمن أغضبها أغضبني.[4] ومن الواضح أن غضب النبي هو غضب الله.

فعلى هذا يعد أبوبكر ممن غضب الله تعالى عليه. لأنه روي بإسناد صحيح أن فاطمة غضبت على أبي بكر فلم ترض منه حتي ماتت.

روى البخاري أنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - ابْنَةَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وفَاةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، ممَّا تَرَكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّا أَفَاءَ اللَّهُ عليه، فَقالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: لا نُورَثُ، ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بنْتُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حتَّى تُوُفِّيَتْ.[5]

المصادر

[1] . الحمد 6 و7.

[2] . النساء 69.

[3] . أبوعبد الله الحاکم محمد بن عبد الله النیسابوري،  المستدرك على الصحیحین، ج۳، ص۱۶۷، دار الکتب العلمیه – بیروت، چ۱، ۱۴۱۱ق، تحقیق: مصطفى عبد القادر عطا؛ سلیمان بن أحمد الشامي الطبراني (المتوفى: ۳۶۰هـ) المعجم الکبیر، ج۱، ص۱۰۸، مکتبه ابن تیمیه – القاهره، ط۲.

[4] . صحيح البخاري - كتاب فضائل أصحاب النبي (ص) - باب مناقب فاطمة عليها السلام - الحديث رقم 3767

[5] . صحيح البخاري, الحدیث رقم 3092 .