الصلاة البتراء وبغض الشيعة

إن من الأمور التي يلتزم بها المسلمون، الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله ، وهو ما أكده القرآن مع وجود الاختلاف في طريقة الصلاة. إلا أن كلا الفريقين متفقون على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله يجب أن تكون مصحوبة بذكر الآل، وهذا أيضا وارد في الروايات الصحيحة ،ومع ذلك نرى أنّه قد راجت الصلاة البتراء بين أهل السنَّة في كتبهم ورسائلهم.

ينقل ابن حجر الهيتمي(899 ـ 974هـ) كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن كتابه المطبوع مليء بالصلاة البتراء. وإليك نصّ ما قال: "ويروى لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، قالوا: وما الصلاة البتراء، قال: تقولون: اللّهمّ صلّ على محمّد وتمسكون، بل قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد"(1)

ان الاصرار على الصلاة البتراء واضح جدًا بين الوهابيين المعادين للشيعة وأهل البيت عليهم السلام ، ويمكن مشاهدة ذلك في معظم كتاباتهم وخطاباتهم.

يقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: «كذلك في مسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الأصل فيها أنّ الصلاة عليه ، عليه الصلاة والسلام وعلى آله كما جاء ذلك مبيّنا في حديث أبي حميد وغيره في الصحيحين وغيرهما فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم علمهم أن تكون الصلاة عليه وعلى آله ، فأدخل أهل السنّة إذا ذكروا الصلاة عليه ، عليه الصلاة والسلام ، وأرادوا أن يذكروا الآل ، أدخلوا معهم الصحابة ، فقالوا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ولم يقتصروا على الآل ، وهذا عند أكثر أهل السنّة لأجل ألا يشابهوا الرافضة والشيعة في توليهم للآل دون الصحب.»

يتضح من كلام هذا الوهابي، أن هذه الفرقة وصلت عداوتهم للشيعة لدرجة أنهم على استعداد لسحق الروايات الصحيحة والتصرف وفقًا لرغباتهم ونواياهم النفسانية. وبعد هذا كيف يصح قول احد الوهابية: لا مجدَ ولا عزّةَ لهذه الأمة إلا بتمسّكها بالكتاب والسنة،(2) فأي تمسك هذا وهم لا يلتزمون بما ورد عن الرسول الا بتحريفه حتى يوافق هواهم؟ قال ابن باز: لا ريب أن الواجب على أئمة المسلمين وقادتهم: أن يحكموا الشريعة الإسلامية في جميع شئونهم، وأن يحاربوا ما خالفها، ... والأدلة عليه من الكتاب والسنة كثيرة معلومة عند أهل العلم، منها قوله سبحانه: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}(3) تراه يدعو الى الالتزام بالكتاب والسنة وعند ما يذكر النبي صلى الله عليه وآله لا يذكر الآل، كأنما الشريعة خطاب للعوام فقط. وهو الذي يقول: كل إنسان يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالواجب اتباع ما جاء به وقبوله، وعدم رد شيء مما جاء به عليه الصلاة والسلام.(4) فكلامه بتبعية الكتاب والسنة شعار فقط لانهم صرحوا ان هذين الاصلين لا يكفيان الا بالاخذ بما وافق عليه الصحابة، قال:" اعتصامنا بالكتاب والسنة لا يكفي بمجرده، بل لا بد من أمر آخر، ألا وهو الاعتماد على ‌فهم ‌الصحابة"(5) ومعنى ذلك ان الصحابة لو انحرفوا عن الكتاب والسنة، فهؤلاء ينحرفون ايضاً وهذا هو الواقع الذي لا ريب فيه.

____________

1 . الصواعق المحرقة:146، ط الثانية، عام 1385.

2 . الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (1/ 104)

3. مجموع فتاوى ابن باز (1/ 268)

4. مجموع فتاوى ابن باز (28/ 255)

5. دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود (17/ 21 بترقيم الشاملة آليا)