-تمسّكت الوهابية – لتقليل وتنقيص شأن ومكانة الزهراء - برواية الثريد التي لا يعلم حقيقة صدورها من النبي أو من المأجورين، والتي يخالف مضمونها، ما جاء في الآيات والروايات الثابتة في حق أهل بيت رسول الله سلام الله عليهم أجمعين.
قال الالباني «بلا شك هو يفيد العموم»[1] أي حديث: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سائر الطعام)»[2] إنه يصر على تفضيلها على النساء متوهما أن العقلاء ربما يقبلون منه ذلك، وكيف يخطر ببال عاقل تفضيل من نبحتْ عليها كلاب الحوأب على سائر النساء؟ لا أحد يقول بذلك الا من فقد عقله من الوهابية ومن على شاكلتهم، بدليل أن القران نزل بعصمة سيدة نساء العالمين، قال تعالى: «إنما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» قالت عائشة: خَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ من شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بن عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جاء الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ معه ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جاء عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قال «إنما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»[3]
وقالت أم سلمة : «أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جَلَّلَ على الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ كِسَاءً ثُمَّ قال اللهم هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا فقالت أُمُّ سَلَمَةَ وأنا مَعَهُمْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال إِنَّكِ إلى خَيْرٍ» قال الترمذي هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ وهو أَحْسَنُ شَيْءٍ[4]
لذلك ، فإن آية التطهير، إضافة إلى دلالتها على طهارة وعصمة السيدة فاطمة وأهل البيت عليهم السلام ، تثبت أيضًا تفوق السيدة الزهراء وأهل البيت عليهم السلام على العالم كله. وهذا ما ذكره كبار علماء اهل السنة كالتفتازاني الملقب بالإمام الأكبر[5] فانه قال بعد ما نقل آية التطهير وحديث الثقلين: «ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره قلنا نعم لاتصافهم بالعلم والتقوى مع شرف النسب»[6]
آية أخرى تثبت افضلية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله على غيرها من النساء، آية المباهلة النازلة لتبيين مكانة أهل البيت عليهم السلام، والصحابة يعلمون بذلك ولا ينفونه كما هو الحال عند ابن تيمية والوهابية، فقد روى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: « أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ - الى قوله: ولما نزلت هذه الآية: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي»[7]
والروايات أكدتْ أن الزوجة لا تُعد من آل البيت، صرح بذلك النووي وقال:«وَالْمَعْرُوفُ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ نِسَاؤُهُ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ»[8]
فما علمته الصحابة من مكانة اهل البيت أقر به علماء اهل السنة، قال ابو حيان والزمخشري في ذيل آية المباهلة:« وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام »[9]
[1] - موسوعة الألباني في العقيدة (8/ 411)
[2] - صحيح البخاري (3/ 1252 ت البغا)
[3] - صحيح مسلم، ج۴، ص۱۸۸۳، ح۲۴۲۴
[4] - سنن الترمذي، ج۵، ص۶۹۹، ح۳۸۷۱
[5] - الشوکاني، محمد، البدر الطالع ج ۲ ص ۳۰۳ ، بيروت، دار المعرفة
[6] - التفتازاني، سعد الدین، شرح المقاصد في علم الكلام ج ۲ص ۳۰۳، پاكستان، دار المعارف النعمانية، الطبعة الاولى
[7] - روى صحيح مسلم (7/ 120 ط التركية)
[8] - شرح النووي على مسلم (15/ 180)
[9] - تفسير الزمخشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (1/ 370