لقد سعى الامويون بكل جهدهم ان يهدموا ما بناه رسول الاسلام من الشعائر والقيم لسعادة الانسان في الدنيا والآخرة.
إن القوم تحالفوا على هدم الاسلام لكن تحت غطاء التسمية بالخلافة ليكون أشد تأثيرا، يقول الزمخشري: أن أمويا وأنصاريا تفاخرا، فذكر له الاموي الامويين الذين توفي النبي (ص) وهم عمال له.
فقال الانصاري: صدقت، ولكنهم حالفوا أهل الردة على هدم الاسلام. فكأنما ألقمه حجرا[1].
و يذكر المؤرخون أنه:
حين استولى ابن الزبير على مكة والحجاز بادر عبد الملك بن مروان إلى: " منع الناس من الحج، فضج الناس، فبنى القبة على الصخرة، والجامع الاقصى، ليشغلهم بذلك عن الحج، ويستعطف قلوبهم. وكانوا يقفون عند الصخرة، ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة، وينحرون يوم العيد، ويحلقون رؤوسهم " [2].
وقد قال عبد الملك عن الصخرة: هذه صخرة الرحمان التي وضع عليها رجله [3].
وكان ابن مسعود، وعائشة، وعروة بن الزبير، وابن الحنفية، وابن عمر، ينكرون ما يقوله أهل الشام عن الصخرة، من أن الله وضع قدمه عليها [4].
فذكر ابن مسعود هنا، وهو إنما توفي في خلافة عثمان، يشير إلى أن أهل الشام الذين رباهم معاوية، كانوا يقولون بهذه المقالة في وقت متقدم جدا، حتى اضطر هؤلاء الاعلام إلى الاعلان عن إنكارهم لهذا الامر، بما فيهم ابن مسعود.
تحويل القبلة:
ثم إنهم قد حولوا قبلة المسلمين، كما ينص عليه الجاحظ.
قال الجاحظ: ". . . حتى قام عبد الملك بن مروان، وابنه الوليد، وعاملهما الحجاج، ومولاهما يزيد بن أبي مسلم، فاعادوا على البيت بالهدم، وعلى حرم المدينة بالغزو، فهدموا الكعبة، واستباحوا الحرمة، وحولوا قبلة واسط ".
إلى أن قال: ". . . فاحسب: أن تحويل القبلة كان غلطا، وهدم البيت كان تأويلا، واحسب ما رووا من كل وجه: أنهم كانوا يزعمون. . .إلخ. . " [5].
وبالمناسبة فها هو الخليفة العباسي يقتدي بذلك السلف الاموي، فإن الخليفة المتوكل، الذي استحق من البعض لقب " محي السنة " قد اقتدى بسلفه الامويين، فبنى في سامراء كعبة، وجعل طوافا، واتخذ منى وعرفات، حتى يحج إليها أمراء جيشه، ولا يفارقوه [6].
الحجاج والقرآن:
ينقل الحاكم عن الحجاج قوله:
يا عجبا من عبد هذيل (يعني عبد الله بن مسعود) يزعم أنه يقرأ قرآنا (أو قال: يزعم أن قرآنه) من عند الله. والله، ما هو إلا رجز من رجز الاعراب، والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه "[7].
خليفة أموي ينتقم من المصحف:
ويذكر المؤرخون: أن الخليفة الاموي الوليد بن يزيد لعنه الله، قرأ ذات يوم: (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، من ورائه جهنم) فرمى المصحف بالنشاب، وهو يقول:
تهددني بجبار عنيد* فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر* فقل يا رب خرقني الوليد.[8]
المصادر:
[1] - ربيع الابرار، ج 1 ، ص 708، 709.
[2] - البداية والنهاية ،ج 8 ،ص 285 و 281
[3] - التوحيد واثبات صفات الرب، ص 108.
[4] - الاباضية، عقيدة ومذهبا، ص 98.
[5] - رسائل الجاحظ، ج 2 ،ص 16.
[6] - أحسن التقاسيم، ص 122-123 ولكن يحتمل أن يكون المقصود هو المعتصم العباسي، فإن في عبارة المقدسي بعضا من الابهام. وسواء كان المتوكل هو الذي فعل ذلك أو المعتصم، فإن النتيجة واحدة.
[7] - مستدرك الحاكم، ج 3 ،ص 656
[8] - الاغاني، ط دار إحياء التراث، ج 7 ،ص 49.