شبهات وردود حول طول عمر الامام المهدي

إن الاشكالات الواردة على طول عمر الإمام المهدي أرواحنا فداه، تتلخص في أقوال ثلاثة .

فمن الاقوال من ينطق بلسان الفلاسفة فيقول: إن طول العمر من المستحيل في العقول، ولم يثبت على جوازه دليل. ومنهم: من ينطق بلسان المنجمين فيقول: إن الكواكب لا تعطي أحداً من العمر أكثر من مائة وعشرين.

ومنهم: من ينطق بلسان الأطباء وأصحاب الطبائع ويقول: إن العمر الطبيعي هو مائة وعشرون سنة، فإذا انتهى إليها، فقد بلغ غاية ما يمكن فيه الصحة وتخرج عن العادة.[1]

لكن مثل هذه الايرادات لا يكون لها محل بالنظر الى ارادة الله تعالى، فان الله تعالى إذا أراد أن يحفظ أحداً يحفظه، والإرادة الإعجازية في الإمام المهدي عليه السلام تحكيه الآيات والروايات المتعددة، أما على ضوء القران الكريم، فبعد أن قالوا بأن طول العمر مستحيل، أو أنه خلاف العادة، فنقول: كيف يكون مستحيلاً أو مخالفاً للعادة وقد أخبر الله عن ذلك في موارد متعددة ، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً).[2]

تسعمائة وخمسون سنة بصريح القرآن، إذا كان مستحيلاً فالمستحيل لا يمكن أن يوجد مرة واحدة، كالجمع بين النقيضين الذي هو مستحيل فلا يحدث في العالم ولو لمرة واحدة، والجمع بين المتضادين مستحيل، فلا يمكن أن يحدث في العالم.

بل البقاء الأبدي إلى يوم القيامة أخبر الله عنه في القرآن الكريم، فهذا نبي الله يونس أخبر الله عنه وقال: (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[3] إلى يوم القيامة، والظاهر من معنى الآية والله العالم، للبث حياً كما فسره العامة والخاصة.

قال الزمخشري في الكشاف، "للبث حياً"[4] و كلمة لبث في العربية لعلها توافق الحياة لا الموت.

وفسره الراغب في المفردات اللبث لغة الإقامة بالمكان أو الملازمة له[5]، و المناسب للإقامة والملازمة هو الحياة.

اذن طول العمر قال به القرآن الكريم ليس فقط لأولياء الله، وإنما وقع في الخارج لأعداء الله أيضاً (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)[6] أعداء الله يمكن أن يبقوا فكيف الأولياء؟ لذا الشيخ الصدوق رحمة الله يقول: إن مخالفينا يقولون بطول العمر في أعداء الله ولا يقولونه في أحبائه.[7]

وأما من السنة المباركة، فالأحاديث متظافرة، قال الكنجي الشافعي:

(أما بقاء المهدي، فقد جاء في الكتاب والسنة، وقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله عز وجل (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[8] المهدي من عترة فاطمة).[9] والآية فيها إشارة لطيفة، إن الله تعالى يقول: ليظهره، وليس ليبعثه، فلو كان ليبعثه يمكن أن يقال إن البعث يكون بعد الموت، وسعيد بن جبير يفسر (لِيُظْهِرَهُ) بظهور الإمام المهدي بعد أن كان له من العمر والحياة .

المصاچر:

[1] - كنز الفوائد للكراجكي، ص 344.

[2] - العنكبوت ، آية 14.

[3] - الصافات، الآية، 142.

[4] - الكشاف، ج 4، ص 160

[5] - مفردات غريب القرآن، ص 446.

[6] - الحجر، الآية، 36_37.

[7] - كمال الدين للصدوق، ص، 551

[8] - التوبة ، آية 33.

[9] - البيان للكنجي الشافعي، ص 28.