تعتقد السلفية والوهابية في الصحابة انهم "أناس رباهم النبي عليه الصلاة والسلام" "فلهم فضلهم ولهم حقهم على الأمة؛ لأنهم نقلوا لنا الدين"و لا يكون أحد أميناً، صادقاً، محافظاً على القرآن والسنة أفضل من صحابة الرسول عليه السلام.
عقيدة السلفية والوهابية في أن الصحابة "مقام أحدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ساعة واحدة خير من عمل أحدنا جميع عمره وإن طال"[1] فهم أفضل قرون هذه الأمة على الإطلاق،[2] ليست عقيدة صحيحة نابعة من منطلق الشرع وواقع الحال، وكمثال، النظرة المنفية لعمر بن الخطاب بالنسبة الى السنة النبوية، مثل قوله : "من كان عنده شيء منها فليمحه" ، وهذه الكلمة منه قد أصبحت بعين ألفاظها تقريباً ، وبنفس صياغتها حديثاً ينسب إلى النبي الأكرم « صلى الله عليه وآله »[3]
وهكذا بالنسبة لاستدلاله على صحة ما أقدم عليه بأن الأمم السالفة قد ضلت ، بسبب عكوفها على أقوال علمائها وتركها كتاب الله ( يعني التوراة ) !! فإنه قد أصبح هو الآخر حديثاً ، يروى عن رسول الله « صلى الله عليه وآله» ، يقول أبو هريرة : فجمعناها في صعيد واحد ، فألقيناها في النار[4].
ولم يقتصر الأمر على المنع من رواية وكتابة حديث النبي « صلى الله عليه وآله » ، بل تعداه إلى ما هو أهم وأكثر ، وأدهى وأمر ، وهو المنع عن العمل والجري على السنة النبوية الشريفة ، حيث رأينا أن الخليفة يضرب الناس إذا رآهم يصلون بعد العصر[5].
ولما ضرب زيد بن خالد الجهني لأجل ذلك ، وقال له زيد : إنه لا يدعهما بعد إذ رأى رسول الله « صلى الله عليه وآله » يصليهما ، قال له عمر : « لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما » [6].
كما أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر ، فلما استخلف عمر تركهما ، فلما توفي ركعهما . فقيل له : ما هذا ؟ فقال : إن عمر كان يضرب الناس عليهما[7].
فإذا كان مثل أبي أيوب لا يجرؤ على العمل بما سنه النبي « صلى الله عليه وآله » ، فما ظنك بغيره من الناس العاديين ، الذين ليس لهم ما لأبي أيوب من احترام وتقدير ومكانة لدى صحابة رسول الله « صلى الله عليه وآله».
كما أننا لم نفهم ما هو المحذور في أن يصلي الناس حتى الليل !! حتى جاز لعمر ضرب الناس لأجل ذلك !!
أضف إلى ما تقدم : أن الصحابي الجليل ، حذيفة بن اليمان يقول : « ابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سراً »[8] . وحذيفة إنما توفي في أوائل خلافة علي « عليه السلام » ، بعد البيعة له « عليه السلام » بأربعين يوماً ، على ما قيل .
فقوله المتقدم يدل على أن الأجواء العامة كانت ضد المؤمنين ، وأن السيطرة كانت لأناس لا يهمهم أمر الدين في شيء ، بل كان المؤمنون يتعرضون للسخرية والاستهزاء ، تماماً كما هو الحال بالنسبة لطغيان الفساق والفجار في بعض البلاد الإسلامية اليوم ، مع عدم ظهور اهتمام من الحكام بردعهم ومكافحتهم ، لأسباب مختلفة.
المصادر:
[1] - اعتقاد أئمة السلف أهل الحديث ، ص19
[2] - شرح عقيدة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ، ص102
[3] - مجمع الزوائد ج 1 ص 150 و 151 ومسند أحمد ج 3 ص 12...
[4] - تقييد العلم ص 34
[5] - المصنف للصنعاني ج 2 ص 429 و 430
[6] - المصدر السابق ج 2 ص 432 ومجمع الزوائد ج 2 ص 223 عن أحمد والطبراني
[7] - المصدر السابق ج 2 ص 433 وفي هامشه عن كنز العمال وعن محمد بن نصر في قيام الليل .
[8] - صحيح مسلم ج 1 ص 91 وصحيح البخاري ج 2 ص 116.