منعوا الحديث وحصروا الفتوى بالامير

19:47 - 2022/03/22

لا بد للناس، الذين يدينون بهذا الدين، من مرجع يرجعون إليه، ليفتيهم في أمور دينهم، ويبيِّن لهم أحكامه.

منعوا الحديث وحصروا الفتوى بالامير

بعد أن منع عدد من الصحابة رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ظهرت الحاجة - لمن يريدون أن يطبِّقوا أحكامه وشرائعه على حركاتهم وسلوكهم ومواقفهم - الى من يفتيهم، وبديهي، أنه لا يمكن السماح لكل الناس بالتصدي للفتوى؛ لأن ذلك يحمل معه مخاطر كبيرة وخطيرة، ويجعل السلطة في مواجهة مشاكل صعبة، ويضعها أمام إحراجات لا طاقة لها بها. وذلك حينما تتعارض فتاواهم وتتناقض.

أو حينما تصدر عن بعض الناس فتاوى قد يعتبرها الحكام ومن يدور في فلكهم مضرة في مصالحهم في الحكم، أو في غيره.

ولأجل ذلك، فقد كان من الطبيعي أن لا يسمحوا بالفتوى إلا لنوعين من الناس.

الأول: الأمراء، وذلك في الأمور الحساسة، فيما يبدو.

الثاني: أشخاص بأعيانهم، يمكنهم تسويق فكر السلطة، بصورة أو بأخرى.

أما بالنسبة للأمراء؛ فإننا نقرأ في التاريخ: أن عمر بن الخطاب قد أنكر على بعضهم بقوله: «كيف تفتي الناس، ولست بأمير؟! ولي حارها من ولي قارها».[1] أي: احمل ثقلك على مَنِ انتفع بك.

وكان ابن عمر إذا سئل عن الفتوى قال: إذهب إلى هذا الأمير، الذي تقلد أمور الناس، ووضعها في عنقه.[2]

وقد امتنع ابن عمر عن إفتاء سعيد بن جبير، وقال: يقول في ذلك الأمراء.[3]

وزيد بن ثابت يكتب لمعاوية في الجد: ذلك مما لم يكن يقضي فيه إلا الأمراء.[4]

وأما المسموح لهم بالفتوى من غير الأمراء:

 فإنما سمحوا بالفتوى بل وبالرواية لأشخاص رأوا: أن لديهم من المؤهلات ما يكفي للاعتماد عليهم، ويطمئن لالتزامهم بالخط المعين، والمرسوم، بصورة مقبولة ومعقولة. فمن هؤلاء عائشة:

فإننا نجد مروان بن الحكم يحاول التأكيد على الدور الأساس لأم المؤمنين عائشة في هذا المجال، فهو يقول: «كيف يُسأل أحد وفينا أزواج نبينا وأمهاتنا».[5]

 انها كانت تتصدى للرواية والفتوى من بين أمهات المؤمنين بصورة رئيسية، وهي بنت الخليفة الأول أبي بكر، ومدللة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ولم يعرف عن أي من نساء النبي «صلى الله عليه وآله» سواها: أنهن تصدين للرواية والفتوى إلا في حالات قليلة جداً، وكانت أم سلمة تتصدى لرواية شيء عن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن يعجب أمثال مروان، ولا كان يروق لهم كثيراً.

وقد كانت عائشة تفتي على عهد عمر، وعثمان، إلى أن ماتت. وكان الخليفتان يرسلان إليها فيسألانها عن السنن.[6]

وفي نص آخر: كانت عائشة قد استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وهلم جراً، إلى أن ماتت.[7]

المصادر:

[1] - جامع بيان العلم ج 2 ص 175 و 203 و 194 و سنن الدارمي ج 1 ص 61

[2] - التراتيب الإدارية ج 2 ص 367 .

[3] - الطبقات الكبرى لابن سعد ج 6 ص 174 .

[4] - بحوث مع أهل السنة والسلفية ص 238 .

[5] - المصنف للصنعاني ج 1 ص 166  و كشف الأستار عن مسند البزار ج 2 ص 196 ومجمع الزوائد ج 4 ص 324

[6] - حياة الصحابة ج 3 ص 298 عن الطبقات الكبرى ج 4 ص 189.

[7] - المصدر السابق، ج 3 ص 288

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.