دوافع منع حديث رسول الله

06:46 - 2022/03/26

-سبق في احدى المقالات إيضاحات حول سياسات الحكام تجاه حديث الرسول ، رواية وكتابة ، وتجاه السؤال عن معاني القرآن وغير ذلك . وبقي أن نشير إلى دوافع هذه السياسة وأهدافها.

دوافع منع حديث رسول الله

نجمل دوافع تلك السياسات واهدافهم في منع الحديث على النحو التالي :

1 - للخليفة مقام الرسول : لقد كان الخليفة الإسلامي - بنظر الناس - يحتل مقام رسول الله « صلى الله عليه وآله » . وذلك يعني : أنه لا بد أن يقوم بنفس المهام ، ويتحمل نفس المسؤوليات التي للرسول الأكرم « صلى الله عليه وآله » . فهو القاضي ، والحاكم ، والمربي ، والقائد العسكري ، والمفتي ، والعالم ، ووالخ . .

وقد كان الناس يرون : أن لهم الحق في توجيه أي نقد له ، ومطالبته بأية مخالفة تصدر منه ، وأي خطأ يقع فيه.

وإذا رجعنا إلى أولئك الذين تسلموا زمام الحكم فور وفاة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، فإننا نجد : أنهم ليسوا في مستوى توقعات الناس ، لا سيما وأن التناقضات في فتاواهم وأعمالهم مع ما سمعه الصحابة ورأوه من رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وعرفوه من مواقفه ، كانت كثيرة وخطيرة .

وقد اعترفوا هم أنفسهم بالحقيقة ، وقرروها في مناسبات عدة ، حتى وهم يواجهون بعض الاعتراضات من قبل النساء ، على بعض مخالفاتهم حيث ظهر أنهم لا يملكون الكثير من المعرفة بالأحكام الشرعية ، والدينية ، التي يحتاجها الناس في معاملاتهم وشؤونهم .

بل إن الخليفة الثاني قد سجل كلمة طارت في الآفاق ، وأصبحت لها شهرة متميزة ، وذلك حينما طالب أبا موسى الأشعري ببينة على حديث رواه ، وإلا فلسوف ينزل به العقاب . ثم اتضح صحة الحديث ، فقال عمر بن الخطاب في هذه المناسبة : إنه ألهاه الصفق بالأسواق[1]عن الحضور عند النبي « صلى الله عليه وآله » لسماع حديثه ، والاستفادة منه . وهو الذي يقول أيضاً : كل الناس أفقه من عمر ، حتى ربات الحجال في خدورهن . وقال عشرات المرات : لولا علي لهلك عمر . ونحو ذلك.[2]

2 - إحراجات لا بد من الخروج منها : ومن جهة أخرى ، فقد كانت هناك تصريحات كثيرة للرسول الأعظم « صلى الله عليه وآله » ، ومواقف حاسمة وحساسة تجاه بعض القضايا وبعض الناس ، إيجابية هنا ، وسلبية هناك . كان إظهارها ، وشيوعها بين الناس لا يخدم مصلحة الحكام ، بل هو يضرهم ويجرحهم بصورة كبيرة وخطيرة ، فلا بد من معالجة هذا الأمر وتلافي سلبياته ، فكان انتهاج هذه السياسة مفيداً جداً لهم في ذلك .

و تفصيل ذلك : إن مما يدل أو يشير إلى أنه قد كان ثمة مواقف للرسول « صلى الله عليه وآله » ، ونصوص لم يكن إظهارها في مصلحة الحاكم ، فكان لا بد من التعتيم عليها ، وطمسها ، قول ابن أبي الحديد المعتزلي : « قد أطبقت الصحابة إطباقاً واحداً على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك ».[3]

وواضح : أن مراده من الصحابة المجمعين من عدا علياً « عليه السلام » ، لأن المعتزلي نفسه يقول : « إنما قال أعداؤه : لا رأي له ؛ لأنه كان متعبداً بالشريعة ، لا يرى خلافها » . إلى أن قال : « وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه ، ويستوفقه ، سواء أكان مطابقاً للشرع أم لم يكن .

ولا ريب أن من يعمل بما يؤدي إليه اجتهاده ، ولا يقف مع ضوابط وقيود يمتنع لأجلها مما يرى الصلاح فيه ، تكون أحواله إلى الانتظام أقرب ».[4] وقد قال عثمان للناس على المنبر : « أيها الناس ، إني كتمتكم حديثاً سمعته من رسول الله « صلى الله عليه وآله » كراهة تفرقكم عني ، ثم بدا لي إلخ . . ».[5]

المصادر:

[1] - صحيح البخاري ج 4 ص 172 و ج 2 ص 4 و 9

[2] - راجع : الغدير للعلامة الأميني رحمه الله

[3] - شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 83.

[4] - شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 28.

[5] - حياة الصحابة ج 1 ص 455 عن مسند أحمد ج 1 ص 65

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 19 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.