اللعن و حكمته

إتهم اهلُ السنة الشيعةَ بلعن الصحابة وقد جروا بسبب هذا الإتهام فروع كثيرة كفسق الشيعة أو كفرهم. فلنبحث عن حقيقة هذا الأمر حتى يتبين الحق من الباطل.

قال الراغب الإصفهاني : اللعن الطرد والإبعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى في الأخرة عقوبة وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره. وقال ابن الأثير في النهاية: اصل اللعن الطرد والإبعاد من الله و من الخلق السب والدعاء.[1]

قد ذكر في القرآن الكريم ماده اللعن سبعاً و ثلاثين مرة منسوبة إلى الله تعالى.

فلعن القران ابليس وقال: وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ.[2]

ولعن الكافرين عموماً: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا.[3]

ولعن الكافرين من أهل الكتاب خاصة: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ.[4]

 ولعن عناوين سلوكية مختلفة كالظلم وإيذاء النبي صلى الله عليه واله : إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا.[5]

وإذا نظرنا في السنة الشريفة وجدناها أيضاً تشتمل على نصوص كثيرة استخدم فيها النبي صلى الله عليه واله فيها اللعن كلعنه لمن تخلف عن جيش أسامة.

هذا الإستخدام بحد ذاته يدل على جواز اللعن من حيث الأصل بل اللعن مسألة عقائدية ضرورية لا مجال لإنكارها.

نعم هناك أخبار نهت عن أن يكون الرجل لعاناً كقوله صلى الله عليه واله: المؤمن لا يكون لعاناً.[6]

ثم إن اللعن ضرورة اجتماعية في الإسلام لتعميق الأصالة الإسلامية واستخلاصها من الشوائب ولإبراز الإنزجار من كل ما له صلة لخط الكفر والنفاق. فاللعن تعبير عقائدي صدر عن الحاجة إلى تعميق الفاصل بين الإسلام وبين الكفر و النفاق اللذان يسببان الإنحراف في الداخل و الخارج. فاللعن ينصب على عوامل الإنحراف و العناوين المرفوضة في السلوك الإجتماعي التي يجب على المسلم مكافحتها.

ولايلزم من ذلك أن الإسلام يستخدم اللعن في مواجهة الإنحراف كوسيلة حاسمة وإنما الوسيلة هو الدليل و البرهان وما اللعن عند المسلمين إلا تعبيراً يلجأ اليه الإنسان ودعوا به على الظلمة.

المصادر

[1] . النهاية، ج4، ص 255.

[2] . ص: 78.

[3] . الاحزاب 64.

[4] . المائدة: 78.

[5] . الاحزاب: 57.

[6] . كنز العمال، ج۱، ص ۶۱۵.