-ورد في رواية يزيد بن قعنب : أن فاطمة بنت أسد ولدت علياً « عليه السلام » ولرسول الله « صلى الله عليه وآله » ثلاثون سنة.
لما وُلد علي عليه السلام، أحبه رسول الله « صلى الله عليه وآله » حباً شديداً . وقال لفاطمة بنت أسد : اجعلي مهده بقرب فراشي .
وكان « صلى الله عليه وآله » يلي أكثر تربيته ، وكان يطهّر علياً « عليه السلام » في وقت غسله ، ويوجره اللبن عند شربه ، ويحرك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويجعله على صدره ، ويقول : هذا أخي ، ووليي ، وناصري ، وصفيي ، وذخري ، وكهفي ، وصهري ، ووصيي ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيتي ، وخليفتي . وكان يحمله دائماً ، ويطوف به جبال مكة ، وشعابها ، وأوديتها.[1]
وقال المعتزلي : « عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين « عليه السلام » : سمعت زيداً - أبي - يقول : كان رسول الله « صلى الله عليه وآله » يمضغ اللحمة والثمرة حتى تلين ، ويجعلهما في فم علي « عليه السلام » ، وهو صغير في حجره ».[2]
وفي خطبته « عليه السلام » المسماة بالقاصعة يقول عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » : « وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه . وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه . وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل . . » .
إلى أن قال : « ولقد كنت أتبعه اتِّباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به . ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري » .
لماذا في غار حراء ؟ ! :
قد ذكر « عليه السلام » أنه كان مع النبي « صلى الله عليه وآله » حين يكون في حراء فيراه ولا يراه غيره ، لم يكن « عليه السلام » مجرد متفرج على رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، بل كان يشاركه في تعبده وتخشعه .
والذي نراه : أن تعبده « صلى الله عليه وآله » هو وعلي « عليه السلام » بحراء لم يكن عفوياً ، بل كان له سبب هام جداً ، وهو أن الأصنام قد وضعت حول الكعبة وفيها وعليها ، فلم يكن يتعبد عندها أو فيها كراهة أن يتخيل أحد أنه إنما يسجد للأصنام ، أو يخضع لها ، أو أنه يُكِنُّ لها في نفسه شيئاً من الاحترام الذي يزعمونه .
ويلاحظ : أن بني هاشم وعلى رأسهم عبد المطلب وأبو طالب لا يُذْكَرُون في جملة المترددين على الكعبة ، أو في جملة الذين يجلسون عندها ، أو في جملة من كان يعظم تلك الأصنام ، ربما لأنهم كانوا أيضاً على دين الحنيفية ، ويريدون أن ينأوا بأنفسهم عن أن يتوهم في حقهم أي تقديس لتلك الأصنام .
المصادر:
[1] - بحار الأنوار ج 35 ص 9 و 10 وكشف اليقين ص 19 - 21
[2] - شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 13 ص 200 وبحار الأنوار ج 38 ص 323 و 324