- كلما سمعوا فضيلة لعلي بن ابي طالب عليه السلام أثاروا حولها الشكوك، علّهم يصلون الى مبتغاهم.
إن المناوئين كما حاولوا أن يثيروا غبار التشكيك حول تفرد علي « عليه السلام » بالولادة في جوف الكعبة ، بادعاء ذلك لحكيم بن حزام . . فقد حاولوا منح ابن حزام نفسه أيضاً فضيلة أخرى في سياق التقليل من أهمية جهاد علي « عليه السلام » وتضحياته في شعب أبي طالب .
فقد زعموا : أن ابن حزام كان يرسل الطعام سراً إلى المسلمين في شعب أبي طالب.[1]
والجواب : إننا نجزم بعدم صحة ذلك ، فأولاً :
إن ابن حزام كان أحد الذين انتدبتهم قريش لقتل رسول الله « صلى الله عليه وآله » ليلة الهجرة[2] ، فرد الله كيدهم إلى نحورهم بمبيت علي « عليه السلام » على فراش رسول الله « صلى الله عليه وآله » تلك الليلة .
وكان حكيم أيضاً يحتكر جميع الطعام الذي يأتي إلى المدينة في عهد الرسول « صلى الله عليه وآله » ، وكان للنبي « صلى الله عليه وآله » موقف إدانة منه .[3]
وهو أيضاً من المؤلفة قلوبهم[4] ، مما يعني : أنه لم يكن صحيح الإيمان ، وأن ريبه قد استمر إلى أواخر حياة رسول الله « صلى الله عليه وآله » .
ثانياً : يدل على بوار هذا الادعاء : أن النبي « صلى الله عليه وآله » لم يكن يقبل أن يكون لفاجر أو فاسق عنده يداً ولا نعمة ( منة )[5] ، وقد رد هدية حكيم بن حزام بالذات[6] ، كما رد هدية غيره .
وكان « صلى الله عليه وآله » يرد هدية المشرك المحارب ، أما غيره ، فكان يقبل هديته ، حتى لو كان مشركاً[7] . والمقصود بغير المحارب الموادع الذي لا يمتن بهديته .
وأما حكيم بن حزام فقد بقي على صفة كونه محارباً إلى أواخر حياة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وواضح أنه كان من المؤلفة قلوبهم ، يمن بهديته ، ويتوقع المكافأة عليها .
ثالثاً : ان من يكون من أهل الأطماع إلى حد أن يحتكر الطعام في المدينة ، ويحرم منه الناس بما فيهم الأطفال والنساء ، طمعاً في حفنة من المال ، لا يتوقع منه السعي لدفع غائلة حاجة المحاصرين في الشعب ، على سبيل التكرم ، أو بدافع العاطفة الإنسانية ، وإنما هو يفعل ذلك طمعاً بالمال الوفير ، حيث يرى أنهم كانوا على استعداد لبذل أعظم الأثمان في هذا السبيل ، فلعله كان ينتهز الفرصة ويبيعهم الطعام ، وربما بأغلى الأثمان .
المصادر:
[1] - سير أعلام النبلاء ج 3 ص 47 وإمتاع الأسماع ج 1 ص 44 .
[2] - بحار الأنوار ج 19 ص 31 و ص 230 ومجمع البيان ج 4 ص 537
[3] - وسائل الشيعة ( ط مؤسسة آل البيت ) ج 17 ص 428
[4] - نسب قريش ص 231 والإصابة ج 1 ص 349
[5] - النصائح الكافية ص 156
[6] - مسند أحمد ج 3 ص 402
[7] - الروض الأنف ج 4 ص 196 وراجع : فيض القدير ج 2 ص 697 .