ابو طالب بين حمية الدين وحمية النسب

07:06 - 2022/04/20

-يحاول البعض أن يثير الشكوك حول إيمان أبي طالب : فيواجهه حديث الحصار في الشعب ، وأن أبا طالب كان ينيم ولده على فراش النبي صلى الله عليه وآله ليفدي به رسول الله صلى الله عليه وآله.

ابو طالب بين حمية الدين وحمية النسب

يدعي البعض : أن أباطالب « رحمه الله » كان يفعل ذلك بدافع من حبه الطبيعي لابن أخيه[1] . أو يدعي : أن حمية النسب والعصبية والقبلية ، أو الكبرياء إلى حدّ العناد ، أو التوثب للشهرة وخلود الذكر ، هو الذي كان يدعو أبا طالب إلى أن يفدي ابن أخيه بولده . .

والجواب:

ألف : بالنسبة للعاطفة النسبية والحب الطبيعي والحمية القبلية نقول :

1 - إن العاطفة النسبية نحو الولد والحب الطبيعي له أشد وأقوى نحو ابن الأخ ، فالمفروض أن يكون موقفه « عليه السلام » على عكس ما كان عليه . .

2 - لو صح قولهم في ذلك لدعت العاطفة النسبية أبا لهب وحبه الطبيعي لابن أخيه وحميته القبلية إلى نصرة النبي « صلى الله عليه وآله » ، كما نصره أبو طالب ، مع أن أبا لهب كان أشد الناس عليه ، ولم تتحرك عاطفته ولا حميته ، ولا حبه حتى على الأطفال الذين كانوا في الشعب يتضاغون جوعاً . .

3 - إنه لا شك في أن حمية الدين هي الأقوى ، بدليل أن أهل الدين يضحون بأموالهم وبإخوانهم ، وبأبنائهم ، وبأنفسهم في سبيل دينهم . وقد استأذن عبد الله بن أبيّ رسول الله « صلى الله عليه وآله » بأن يقتل أباه ، لأجل جرأته على رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . وفي صفين لم يرجع الأخ عن قتل أخيه ، حتى أذن له أمير المؤمنين « عليه السلام »[2] .

ب : بالنسبة للعصبية القبلية ، والكبرياء إلى حد العناد ، وحمية النسب ، والطمع بتبوُّء مقام الكرامة ، والاشتهار بالنبوة ، نقول :

1 - إنما تكون هذه الأمور مؤثرة وفاعلة في صورة ما لو أمكن حفظ أساس الوجود ، وفي حدود صيانة مصالح القبيلة ، أو الأشخاص ، أو من يتطلَّب منازل الكرامة والشهرة ، أما لو كان ذلك من أسباب الدمار ، والهلاك ، وبوار المصالح ، فإن أي عاقل يرضى بالتفريط بنفسه ، وبولده ، وعشيرته ، وبكل مصالحه ومصالحهم ، وينتهي به الأمر إلى حد الموت جوعاً ، أو بحد السيف ، في سبيل شيء تشير الدلائل كلها إلى أن حصوله عليه ضرب من الخيال ، وفي مستوى الوهم ، الذي لا يهتم له أي من عقلاء البشر . .

2 - إن ذلك لو أمكن وصح حصوله بالنسبة لواحد من الناس ، بسبب عقدة نقص يعاني منها ، فإنه لا يصح بالنسبة لغيره ممن لم يكونوا من قبيلة ولا من أقارب ذلك النبي ، وكانوا يتعرضون لأقسى أنواع القهر والعذاب حتى الموت ، من أمثال سمية وياسر والدي عمار وغيرهما من المعذبين في سبيل الله رضوان الله تعالى عليهما .

فأية شهرة ، وأي مقام يطلبه هؤلاء ، ولأية قبيلة يتعصبون وأية حمية نسب تدعوهم إلى تحمل ذلك كله ، الذي بلغ بعضهم حد التضحية بأنفسهم ؟ ! وكيف يتوقعون لأنفسهم خلود الذكر في هذه الدنيا ، وأي ذكر يطمع فيه عاقل يوازي أرواحهم التي يبذلونها ، وآلامهم التي يقاسونها ؟ !

والحقيقة هي : أن السبب الحقيقي الكامن وراء اطلاق كل هذه الترهات هو العناد للحق إلى حد السفه ، الناشئ عن كراهة الاعتراف به ، وإن كانت كل الوقائع تلهج به ، وتفصح عنه ، وتدل عليه ، أو تشير إليه . . فليبوؤا بخزي الإفتضاح وهم الصغار في أنفسهم في الحياة الدنيا ، وبالعذاب الأليم الذي أعده الله تعالى للذين آذوا الله ورسله وأولياءه في الآخرة ، بسعيهم إلى إطفاء نور الله ، وطمس جهود وجهاد الأنبياء والأولياء بزخرف القول ، وعوار الكلم ، والله متم نوره ولو كره الكافرون ، والمشركون ، والحاقدون ، والمنافقون .

3 - إن هذا الرضا والتسليم لدى علي « عليه السلام » على تحقيق السلامة لرسول الله « صلى الله عليه وآله » بقيمة تعريض نفسه للأخطار الهائلة ، أمر مدهش ومثير . . لولا اننا نعلم : أن الله سبحانه قد امتحن قلب هذا الشاب للإيمان ، وأودعه أقدس الاسرار ، وحباه بمنازل الكرامة والزلفى ، دون جميع الخلق . .

المصادر:

[1] - تفسير القرآن العظيم ج 3 ص 394 .

[2] - صفين للمنقري ص 271 و 272

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 15 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.