-إن انكار فضائل علي بن ابي طالب عليه السلام الصحابي الجليل، أخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصرفها الى غيره صار ديدن المناوئين له حسدا وبغضا.
قد ورد : أن الله تعالى أوحى إلى جبرائيل وميكائيل : إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ ! فاختار كلاهما الحياة . فأوحى الله إليهما : ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين محمد « صلى الله عليه وآله » ؛ فبات على فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ؟ ! اهبطا إلى الأرض ، فاحفظاه من عدوه . فنزلا ، فكان جبرائيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرائيل ينادي : بخ بخ ، من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله به الملائكة ؟ ! فأنزل الله عز وجل : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ )[1]».[2]
قال الإسكافي : « وقد روى المفسرون كلهم : أن قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ . . ) نزلت في علي « عليه السلام » ليلة المبيت على الفراش ».[3]
إن قول الإسكافي حول نزول آية الشراء في علي « عليه السلام » ، يظهر أن ابن روزبهان قد كذب في قوله : إن أكثر المفسرين قالوا : إن هذه الآية نزلت في الزبير والمقداد ، حين أرسلهما النبي « صلى الله عليه وآله » إلى مكة لينزلا جثة خبيب بن عدي عن الخشبة التي صلبه المشركون عليها . فأنزلاه . وكان حول خشبته أربعون رجلاً من المشركين .
ويذكر المظفر : أن المفسرين لم يذكروا نزولها في الزبير والمقداد ، ولم يذكر ذلك حتى السيوطي ، والرازي ، والزمخشري في كشافه ، مع أن السيوطي ذكر عامة رواياتهم ، والرازي جمع في تفسيره كل أقوالهم . . وذكر في الإستيعاب في ترجمة خبيب : أن الذي أنزل خبيباً هو عمرو بن أمية الضمري .[4]
ثم إن قيمته « عليه السلام » كامنة وقائمة في عمق ذاته ، من حيث صفاء جوهره ، تماماً كما هي قيمة الذهب والجوهر ، والألماس ، بالقياس إلى الحديد والنحاس ، فإنك تستخدم الحديد ، وتستفيد منه ليل نهار ، أما الجوهر والألماس ، فإنه يحتفظ بقيمته العالية رغم أنه مودع في أعماق الخزائن ، وقد لا يستفاد منه في شيء من الأعمال إلا ما شذ وندر .
ولأجل ذلك نقول : إن نزول الآية لتعظيم أمير المؤمنين « عليه السلام » يصح ، حتى لو لم يكن علي حاضراً في واقعة ليلة الهجرة ، لأن من شؤون وخصائص علي « عليه السلام » أنه يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ، دون كل أحد سواه .
المصادر:
[1] - الآية 207 من سورة البقرة .
[2] - أسد الغابة ج 4 ص 25 والمستجاد للتنوخي ص 10 وثمرات الأوراق ص 303
[3] - شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 13 ص 262.
[4] - دلائل الصدق ج2 ص82.