يبذل أعداء الرسول وأعداء أهل بيته الاطهار كل جهدهم لتشويه سمعة من له أدنى صلة بهم عليهم السلام.
لقد استغلوا الاية التي تنهى عن الاقتراب الى الصلاة حال السكر، فرووا عن علي « عليه السلام » !! - أنه قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً ؛ وسقانا من الخمر ؛ فأخذت الخمر منا ، وحضرت الصلاة ؛ فقدموني ، فقرأت : .. ونحن نعبد ما تعبدون ، فأنزل الله :(لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى)».[1]
وعن عكرمة في الآية قال : نزلت في أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ، صنع علي لهم طعاماً .. ثم صلى بهم المغرب ؛ فقرأ : .. ليس لي دين ، وليس لكم دين ، فنزلت : ( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى )» .[2]
وعن علي ، أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف ، ورجل آخر ، شربوا الخمر ، فصلى بهم عبد الرحمن : فقرأ : قل يا أيها الكافرون ، فخلط فيها ؛ فنزلت : ( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى )».[3]
ورواية أخرى لا تصرح باسم أحد ، لكنها تقول : فشربها رجل ، فتقدم ، فصلى بهم . .[4] . وفي رواية أخرى عن عوف : فشربها رجلان ؛ فدخلا في الصلاة ، فجعلا يهجران كلاماً ؛ لا يدري عوف ما هو.[5]
والجواب : إن ذكر علي « عليه السلام » في هذه الروايات لا يصح.
أولاً : في الروايات المتقدمة العديد من موارد التنافي والتناقض .
1 - فهل الذي صنع الطعام هو عبد الرحمن بن عوف ؟ ! أم هو علي « عليه السلام » ؟ ! أم هو رجل من الأنصار ؟ !
2 - وهل الذي صلى بهم إماماً هو علي « عليه السلام » ؟ ! أم عبد الرحمن بن عوف ؟ ! أم هو فلان الذي لم يسم ؟ !
3 - وهل قرأ القارئ في الصلاة : قل يا أيها الكافرون إلى آخرها ، ثم قال : ليس لي دين ، وليس لكم دين ؟ ! أم أنه قرأ : قل يا أيها الكافرون : أعبد ما تعبدون ؟ ! أم قرأ : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ، ونحن نعبد ما تعبدون ؟ !
4 - وهل كان الحاضرون ثلاثة أشخاص فقط : علي ، وعبد الرحمن بن عوف ، ورجل من الأنصار ؟ ! أم كانوا خمسة أشخاص : أبو بكر وعمر ، وعلي ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ؟ !
5 - وهل كان الذي شربها رجل واحد ، ودخل في الصلاة ، أم شربها رجلان ، ودخلا في الصلاة ؟ ! . .
وكما يقولون : لا حافظة لكذوب . .
ثانياً : إن الخمر لم تزل محرمة في شرائع الأنبياء ، وقد أكد الإسلام تحريمها في أول البعثة ، وأدلة ذلك كثيرة ، مثل رواية معاذ بن جبل[6] ، وأم سلمة[7] ، وأبي الدرداء . . وغير ذلك .
ثالثاً : المروي عن أئمة أهل البيت « عليهم السلام » أن المراد في قوله تعالى :( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ): هو سكر النوم.[8]
رابعاً : روى القطان في تفسيره ، عن الحسن البصري ، قال : إن علياً لم يقبل أن يشرب معهم في دار أبي طلحة ، بل خرج من بينهم ساخطاً على ما يفعلون .. . وهذا هو الذي ينسجم مع خلق علي « عليه السلام » ، ووعيه ، وإيمانه ، وهو الذي تربى في حجر الرسالة ، وكان يلازم النبي « صلى الله عليه وآله » ملازمة الظل لصاحبه . . ويتبعه اتباع الفصيل أثر أمه .
وخامساً : قال الحاكم : « إن الخوارج تنسب هذا السكر ، وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، دون غيره ، وقد برأه الله منها ؛ فإنه راوي هذا الحديث »[9].
المصادر:
[1] - الدر المنثور ج 2 ص 164 و 165
[2] - فتح القدير ج 1 ص 472
[3] - أحكام القرآن لابن العربي ج 1 ص 551
[4] - الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 200
[5] - الغدير ج 7 ص 96
[6] - المعجم الكبير للطبراني ج 20 ص 83
[7] - السنن الكبرى للبيهقي ج 10 ص 194
[8] - الكافي ج 3 ص 371
[9] - المستدرك للحاكم ج 2 ص 307