لم يفترْ أعداء الله من سرد أنواع الافتراءات لتشويه سمعة وليد الكعبة علي بن ابي طالب عليه السلام.
انهم رووا أسطورة خطبة علي « عليه السلام » بنت أبي جهل في السنة الثامنة وإليك نصها :
في البخاري وغيره ، عن المسور بن مخرمة ، قال : سمعت رسول الله « صلى الله عليه وآله » يقول ، وهو على المنبر : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي ، وينكح ابنتهم ؛ فإنما هي بضعة مني ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها.[1]
وفي البخاري وغيره أيضاً ، عن المسور : أن فاطمة أتت رسول الله « صلى الله عليه وآله » فقالت : يزعم قومك : أنك لا تغضب لبناتك ، وهذا علي ناكح ابنة أبي جهل . فسمعته حين تشهد يقول : .... والله ، لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد ، فترك علي الخطبة.[2]
وفي رواية أخرى لمسلم والبخاري وغيرهما ، أن المسور قال : سمعت رسول الله « صلى الله عليه وآله » على المنبر وهو يخطب في ذلك ، وأنا محتلم ، فقال : إن فاطمة مني ، وأنا أخاف أن تفتن في دينها . . إلى أن قال : وإني لست أحرم حلالاً ، ولا أحل حراماً ، ولكن والله ، لا تجتمع بنت رسول الله ، وبنت عدو الله مكانا واحداً أبداً.[3]
وعند الحاكم : أن علياً خطب بنت أبي جهل ؛ فقال له أهلها : لا نزوجك على فاطمة.[4]
وعند الطبراني : أنه « عليه السلام » خطب أسماء بنت عميس ؛ فأتت فاطمة إلى النبي « صلى الله عليه وآله » فقالت : إن أسماء بنت عميس متزوجة علياً .فقال : ما كان له أن يؤذي الله ورسوله.[5]
والجواب: إنه لا ريب في كذب هذه الرواية ، وذلك استناداً إلى ما يلي :
أولاً : إن الروايات مختلفة ومتناقضة ، كما يظهر بالمراجعة والمقارنة وذلك يسقط شطراً وافراً منها عن الاعتبار.
ثانياً : ما جاء في هذه الروايات لا ينسجم مع تكنية علي « عليه السلام » بأبي تراب من أنه لم يسوء فاطمة قط.
ثالثاً : حديث بريدة عن علي « عليه السلام » في غزوة بني زبيد يكذب هذه الأسطورة ، حيث حصلت لعلي جارية من أفضل السبي في الخمس ، فخرج عليهم ورأسه يقطر ، فسألوه فأخبرهم أنه وقع بها . فأرسل خالد بريدة إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله » بكتاب يشتكيه فيه . . فغضب رسول الله غضباً لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير ، وقال : يا بريدة ، أحب علياً ، فإنه يفعل ما آمره .
وفي نص آخر: أن عمر شجع بريدة على الشكوى قائلاً له : « امضِ لما جئت له ، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي ».[6]
على أننا لا نكاد نثق بصحة الفقرة التي تقول : إن علياً « عليه السلام » أخبرهم بأنه دخل بتلك الوصيفة ، فلعلهم هم تخيلوا ذلك ، فقد ورد : أن النساء محرمة على علي « عليه السلام » في حياة فاطمة « عليها السلام ».[7]
إلا أن يقال : المراد تحريم الزواج الدائم عليه . . أو باستثناء ما كان بأمر ورضى من الله ورسوله ، أو طلب من الزهراء لمصلحة تقتضي ذلك .
المصادر:
[1] - صحيح مسلم ج 7 ص 141
[2] - صحيح البخاري ( ط دار الفكر ) ج 4 ص 212 وصحيح مسلم ج 7 ص 142
[3] - المصدران، ج 4 ص 47 - و ج 7 ص 141
[4] - فتح الباري ج 9 ص 286
[5] - المعجم الأوسط للطبراني ج 5 ص 139
[6] - الإرشاد للشيخ المفيد ج 1 ص 161
[7] - تهذيب الأحكام للطوسي ج 7 ص 475