-صار نقاش في تأريخ سد الابواب هل وقع هذا الحدث قبل فتح مكة او بعدها ؟ قد يقال : إن ذكر العباس في عدد من روايات هذا الحدث يدل على أنه إنما حصل بعد فتح مكة . .
عند التحقيق في الروايات التي تضمنت ذكر العباس نجد ما يلي :
1 - روي عن أبي سعيد الخدري : أن النبي « صلى الله عليه وآله » حين أخرج العباس وغيره من المسجد قال العباس : تخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك ، وتسكن علياً ؟ ! فقال له « صلى الله عليه وآله » : ما أنا أخرجتكم وأسكنته ، بل الله أخرجكم وأسكنه.[1]
2 - وثمة رواية عن علي « عليه السلام » تذكر العباس.[2]
3 - هناك رواية ثالثة عن جابر بن سمرة تقول : إن العباس طلب أن يترك له النبي « صلى الله عليه وآله » قدر ما يدخل هو وحده ويخرج . . فلم يرض ، بل سدها غير باب علي . . قال : وربما مر وهو جُنب.[3]
4 - رواية أخرى عن سعد بن أبي وقاص تذكر العباس أيضاً.[4]
5 - رواية عن أبي الطفيل لمناشدة علي « عليه السلام » لأهل الشورى ذكر علي « عليه السلام » فيها اعتراض حمزة والعباس.[5]
وثمة اشكالات في صحة هذه الروايات فنقول:
1 - أن الرواية الأخيرة لا تصح : أولاً : لأن العباس لم يكن في المدينة منذ هاجر حمزة إلى حين استشهاده « عليه السلام » إلى فتح مكة ، فلا معنى لذكرهما معاً في الرواية . ثانياً : إن روايات المناشدة الأخرى لم تذكر العباس . .
2 - بالنسبة لرواية سعد بن أبي وقاص نلاحظ : أن نصاً آخر لها لم يصرح باسم العباس ، بل عبرت بكلمة « عمه » فقط [6]. فلعل المقصود به حمزة رحمه الله .
3 - إن لرواية جابر بن سمرة نصاً آخر يقول : إن رجلاً قال ذلك ، من دون تصريح بالاسم أيضاً [7]. فلعل الرواة الذين نقلوا عن سعد ، وعن جابر اجتهدوا في هذا الأمر من عند أنفسهم . أو أنه هو الذي سبق إلى ذهن الرواة ، لأنس أذهانهم به .
4 - إننا نستبعد أن يترك النبي « صلى الله عليه وآله » الصحابة حوالي ثمان سنوات يمرون في المسجد في حال الجنابة.
5 - بعض الروايات ذكرت : أنه « صلى الله عليه وآله » أرسل إلى أبي بكر وعمر يأمرهما بسد أبوابهما ، ففعلا ، ثم « أرسل إلى عثمان - وعنده رقية - فقال : سمعاً وطاعة ، ثم سد بابه . . »[8] .
وذلك يدل على أن سد الأبواب كان قبل واقعة بدر ، لأنها « رحمها الله » إنما توفيت بعد بدر مباشرة على الأشهر ، أو في ذي الحجة .[9]
6 - والأهم من ذلك ما روي عن عدد من الصحابة من ذكر حمزة بن عبد المطلب في هذا المورد ، وهو إنما استشهد في واقعة أحد [10]. . مما يعني : أن هذا الحدث قد حصل قبل استشهاده . . وحيث لم يكن العباس في المدينة .
_____________
المصادر:
[1] - المستدرك للحاكم ج 3 ص 117
[2] - كنز العمال ج 15 ص 155
[3] - المعجم الكبير للطبراني ج 2 ص 246
[4] - خصائص أمير المؤمنين « عليه السلام » للنسائي ص 74 و 75
[5] - المناقب للخوارزمي ص 225
[6] - السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 118
[7] - وفاء الوفاء ج 2 ص 479 و 480
[8] - مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 254 و 255
[9] - الصحيح من سيرة النبي ( الطبعة الرابعة ) ج 5 ص 228
[10] - مجمع الزوائد ج 9 ص 115 - غاية المرام ج 6 ص 236