صدّ أمير المؤمنين « عليه السلام » في أحد، كتائب المشركين عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » حتى أصيب بجراحات كثيرة .
أصيب علي « عليه السلام » بجراحات بين طعنة ، وضربة ، ورمية ، فجعل رسول الله « صلى الله عليه وآله » يمسحها ، وهي تلتئم بإذن الله تعالى كأن لم تكن .[1]
وذكرت رواية الراوندي : أنه « صلى الله عليه وآله » أخذ الماء في فمه ، فرشه على الجراحات ، فكأنها لم تكن من وقتها.[2]
وهذه هي الحقيقة الناصعة ، ولكن حساد علي « عليه السلام » استولوا على هذه الفضيلة ومنحوها لغير علي ، فزعموا : أن طلحة قد جرح في واقعة أحد بجراحات ، فمسح « صلى الله عليه وآله » على جسده ، ودعا له بالشفاء والقوة.[3]
ويرد على هذا الزعم :
1 - إن علياً « عليه السلام » قد صد كتائب أهل الشرك عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وكان طلحة مع الفارين ، فبأي شيء استحق هذه الكرامة دون سائر الجرحى من أمثاله ، الذين اختارهم النبي « صلى الله عليه وآله » للحاق بقريش بعد أحد فلحقوها إلى حمراء الأسد ؟ !
2 - لماذا بقيت يده أو إصبعه شلاء ، ولم تشف إلى أن مات[4] وهي إنما أصيبت في غزوة أحد ؟ ! ولماذا أبرأ له النبي « صلى الله عليه وآله » سائر جراحاته واستثنى إصبعه ؟ !
قد عظموا أمر شلل إصبعه ، وأشاعوه بما لا مزيد عليه ، وكأن أحداً لم يصب ببدنه في عهد رسول الله « صلى الله عليه وآله » سواه ! ! ! . .
ولم يكتفوا بما سطروه لطلحة الفار في حرب أحد بما ذكرناه آنفاً ، بل أضافوا إلى ذلك مزعمة أخرى مفادها : أن النبي « صلى الله عليه وآله » وقع في إحدى الحفر التي حفرها له أبو عامر الفاسق مكيدة ، فرفعه طلحة ، وأخذ بيده علي « عليه السلام » ! ! ! زاد في الاكتفاء : فقال « صلى الله عليه وآله » : من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة[5] ! ! !
وما قالوه غير تام لما يلي :
1 - إذا فرض صحة هذه الرواية ، فلا بد أن تكون بعد عودة الفارين إلى ساحة القتال ، وعلى هذا الفرض نقول : هل يمكن لأبي عامر أن يحفر حفيرة في ذلك الجو الحافل بتردد الفرسان ، وجولان الخيول ، ولم يره أحد من المسلمين الذين كانوا يحفون برسول الله « صلى الله عليه وآله » ؟ !
2 - كيف عرف أبو عامر أن النبي « صلى الله عليه وآله » سيمر على خصوص هذا الموضع ، وسيطأ برجله فوق هذه الحفرة ؟ !
3 - لماذا لم يقع في تلك الحفرة أي من المقاتلين الآخرين الذين كانوا يحفون برسول الله « صلى الله عليه وآله » ، ويحوطونه من جميع الجهات ويرمون على الحُفَر قبله ؟ !
4 - الذي رأى أبا عامر وأخبر عنه ، لماذا لم يخبر رسول الله « صلى الله عليه وآله » بالأمر ؟ !
5 - مع غض النظر عن ذلك كله . . إذا كان علي قد أخذ بيد النبي « صلى الله عليه وآله » أيضاً ، وأعانه ، فلماذا خص طلحة بالثناء دونه ؟ !
6 - هل صحيح أن طلحة هذا الذي ينكث بيعة إمام زمانه ، ويخرج عليه ويحاربه ، فيقتل بسيف ذلك الإمام المعصوم بنص القرآن ، ويقتل بسببه المئات والألوف من المسلمين - هل صحيح أنه - شهيد يمشي على وجه الأرض ؟ !
___________
المصادر:
[1] - حلية الأبرار، ج 2 ، ص 428.
[2] - الخرائج والجرائح، ج 1، ص 148.
[3] - دلائل الصدق، ج 3، ص 259.
[4] - مناقب آل أبي طالب، ج 2، ص 375.
[5] - تاريخ الخميس ، ج 1، ص 430.