بالإضافة إلى آيات القرآن الكريم التي تطرح مسألة التقية صراحةً وتضفي عليها شرعية ، هناك روايات كثيرة عن الطائفتين تدل على شرعية التقية.
التقية حكم شرعي لا علاقة له بالشيعة أو السنة ، وهذه المسألة وشرعيتها مذكورة في آيات القرآن الكريم. مثل آية الاكراه في سورة النحل التي كان سبب نزولها عمار بن ياسر الذي اضطر لقول كلمات تحت عذاب الكفار.
من القضايا الأساسية لدى أتباع الديانات الإسلامية قضية "التقية". وعلى الرغم من شرعية هذه المسألة في القرآن والأحاديث ، إلا أن المذهب الوهابي قد هاجم شرعية هذه المسألة ، ونعتوا "التقية" بـ "النفاق" وإنكروا هذا المبدأ من الاساس.
رأي ابن تيمية في التقية:
انه لما يكون كلامه في أتباع المذهب الشيعي القائلين بالتقية ، يقول إنهم مثل "اليهود". لان اليهود يشرّعون التقية ، والشيعة تقول بالتقية! فكما أن الزنادقة والملحدون يكذبون عمدًا ، كذلك الشيعة يكذبون عمدًا.[1]
إثبات شرعية التقية في القرآن الكريم:
التقية مسألة قرآنية لا علاقة لها بالشيعة أو السنة ، وآيات من القرآن الكريم تشير إلى شرعيتها كقوله تعالى:
«مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.[2]
واشار في تفسير اطيب البيان : ان موضوع الاية هي التقية فيما لو وقع احد في ضيق و شدة من المخالفين له ورأى نفسه في خطر فان له ان يظهر بلسانه ما يحفظ به نفسه من القتل وقلبه مطمئن بالايمان، مثل عمار الذي وقع مع والديه في قبضة الكفار وقالوا عليكم أن تُظهروا كراهية الرسول. وامتنع والداه فقتلوهما.واظهر ذلك عمار وحفظ نفسه، وهذا مفاد قوله تعالى (إِلّا مَن أُكرِهَ وَ قَلبُهُ مُطمَئِنٌّ بِالإِيمانِ) وفي الأخبار استندوا على هذه الاية لاثبات صحة فعل عمار.[3]
كذلك الشيخ الطوسي قال:
نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر (رحمه الله) اكرهه المشركون بمكة بأنواع العذاب، وقيل: إنهم غطوه في بئر ماء على ان يلفظ بالكفر وكان قلبه مطمئنا بالايمان، فجاز من ذلك، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله جزعا فقال له النبي صلى الله عليه و آله كيف كان قلبك؟ قال كان مطمئنا بالايمان، فأنزل الله فيه الآية.[4]
واخبر ان الذين يكفرون بالله بعد ان كانوا مصدقين به بأن يرتدوا عن الاسلام " فعليهم غضب من الله " ثم استثنى من ذلك من كفر بلسانه، وكان مطمئن القلب بالايمان في باطنه، فانه بخلافه.
مشروعية التقية في روايات اهل السنة
روى ابن أبي شيبة (ت 235 هـ) و البخاري: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ.[5] كما نقل السيوطي عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: «لا دينَ لِمَن لا تَقيَّةَ لَه.[6]
في سنن ابن ماجة عن أبي ذر الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَ النِّسْيَانَ، وَ مَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ.[7]
__________
المصادر:
[1] - ابن تیمیه، منهاج السنه، ج1، ص68.
[2] - سورة النحل، اية ، 106
[3] - نماذج البينات في شأن نزول الآيات من وجهة نظر الشيخ الطوسي وسائر المفسرين.ص 489
[4] - التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (6/ 423، بترقيم الشاملة آليا)
[5] - المصنف، ج6، ص474، ح33045.
[6] - جامع الاحادیث، ج8، ص 281، ح26050.
[7] - سنن ابن ماجة ج1، ص 659، باب طلاق المکره و الناسی، ح2043.