إلجام ابن تيمية في الاعتراض على فتوى الإمام الهادي

12:46 - 2022/05/26

نقل ابن تيمية حكاية مرض المتوكل ، و رد الإمام الهادي (عليه السلام) على فتوى  ، ثم ذكر احتمالات مختلفة في ما نقله، وكلها غير مبررة ، ويظهر منها أن تحيزه أدى إلى انكار فضل الإمام الهادي عليه السلام وأعلميته.

اعتراضات ابن تيمية على فتوى الإمام الهادي

ذكر ابن تيمية في "منهاج السنة" ، كلام العلامة الحلي في عقيدة الشيعة في فضائل الأئمة الاثني عشر ، وقد استشكل على كل فضيلة ذُكرت لهم ، ومن جملتهم الامام الهادي عليه السلام.

و حكاية مرض المتوكل ، انه نذر إِنْ عُوفِيَ تَصَدَّقَ بدراهم كثيرة، فسأل الفقهاء عن ذلك، فلم يجد عندهم جوابا، فبعث إلى علي الهادي ، فسأله فقال: تصدق بثلاثة وثمانين درهما، فسأله المتوكل عن السبب، فقال: لقوله تعالى: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة}[1] وكانت المواطن هذه الجملة ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا سبعا وعشرين غزاة وبعث ستا وخمسين سرية.

قال ابن تيمية: هذه الحكاية أيضا تحكى عن علي بن موسى مع المأمون، وهي دائرة بين أمرين: إما أن تكون كذبا، وإما أن تكون جهلا ممن أفتى بذلك.

فإن قول القائل: له علي دراهم كثيرة، أو والله لأعطين فلانا دراهم كثيرة، أو لأتصدقن بدراهم كثيرة، لا يحمل على ثلاث وثمانين عند أحد من علماء المسلمين.

 و النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يغز سبعا وعشرين غزاة باتفاق أهل العلم بالسير، بل أقل من ذلك.

 والآية نزلت يوم حنين، .. وكان بعد يوم حنين غزوة الطائف وتبوك وغيرهما.. فامتنع أن تكون هذه الآية المخبرة عن الماضي إخبارا بجميع المغازي والسرايا.

 كما أن الله لم ينصرهم في جميع المغازي، .. حتى يكون مجموع ما نصروا فيه ثلاثا وثمانين.

 و بتقدير أن يكون المراد بالكثير في الآية ثلاثا وثمانين، فهذا لا يقتضي اختصاص هذا القدر بذلك، فإن لفظ " الكثير " لفظ عام يتناول الألف والألفين والآلاف، وإذا عم أنواعا من المقادير، فتخصيص بعض المقادير دون بعض تحكم.

... ولهذا تنازع الفقهاء فيما إذا قال له: " علي مال كثير، هل يرجع في تفسيره إليه فيفسره بما يتمول؟ .. أو بما له قدر خطير .. على قولين، .. والأرجح في مثل هذا أن يرجع إلى عرف المتكلم، ... والخليفة إذا قال: " دراهم كثيرة " في نذر نذره، .. إذا حمل كلامه على مقدار الدية اثني عشر ألف درهم، كان أولى من حمله على ما دون ذلك، ... فمعنى القليل والكثير هو من الأمور النسبية الإضافية، كالعظيم والحقير يتنوع بتنوع الناس، فيحمل كلام كل إنسان على ما هو المناسب لحاله في ذلك المقام.[2]

والجواب من منظور أصول الفقه الشيعي ومصادره نقول:

- عند الشيعة اختلاف في العمل بهذه الرواية ، لكن المعيار في عدد الغزوات على افتراض صحة الرواية هو قول الإمام الصادق والهادي والجواد (عليهم السلام) حيث قالوا المواطن 80 او 83  و معظم الروايات وردت من كتب السنة.[3]

وارادة 80  من كلمة كثير تعبدي، لا يعلم الصلة بين الكثير في الآية والوفاء بالنذر الا (الرّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ)[4] و هم الائمة (عليهم السلام) لا غيرهم .

وقوله أن أحدا من المسلمين لم يفتِ بالثمانين، فهذا لا يصح فان الإمام هادي، والصادق، والجواد (عليهم السلام) والشيخ الصدوق،[5] و الطوسي،[6] و الحلي[7] وغيرهم. افتوا في النذر بالثمانين.[8]

كما أن عدد الغزوات التي قال بها المعصوم، لو تعارض مع قول المؤرخين فقول الامام المعصوم مقدم.

وقول ابن تيمية أن نفس الحكاية وردت عن الامام الرضا عليه السلام ، فليذكر سندها، لان هذه القضية وردت عن الامام الهادي عليه السلام في مصادر اهل السنة.

ثم إن ابن تيمية يعتقد أن الخليفة هو صاحب الخزانة بأكملها، و يُقارنه بأكبر الرأسماليين، بينما الخليفة مغتصب لهذا المنصب والخزانة ليس ممتلكاته الشخصية.

____________

المصادر:

[1] - سورة التوبة: 25

[2] - منهاج السنة النبوية،ج4،ص 77 الى 84

[3] - النجم الوهاج في شرح المنهاج، ج5، ص 101

[4] - سورة آل عمران، آية 7

[5] - نقل ذلك صاحب جواهر الكلام ،ج29،ص 372

[6] - الخلاف- الشيخ الطوسي ، ج4،ص 361

[7] - السرائر - ابن إدريس الحلي ،ج4،ص 58

[8] - بعض مصادر اهل السنة ايضا فسرت بنفس العدد، راجع النجم الوهاج في شرح المنهاج ،ج5، ص 101

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 4 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.