على رغم وجود الشواهد و الادلة على نزول الآية ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) في علي بن ابي طالب عليه السلام الا ان ابن تيمية ينسب ما ورد فيه عليه السلام الى الكذب.
لقد حاول المبغضون و الحاقدون صرف الاية الى غير من نزلت فيه، فقالوا: انها نزلت في زيد بن أرقم ، في غزوة المريسيع ، حيث إنه سمع عبد الله بن أبي يقول : أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، يقصد بالأعز نفسه ، وبالأذل رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . فأخبر زيد رسول الله « صلى الله عليه وآله » بما سمع . .
وفي الكشاف : ونزل فيه قوله تعالى : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ )[1] وصار يقال لزيد : ذو الأذن الواعية.[2]
و قال الحلبي الشافعي : « وذكر بعض الرافضة : أن قوله تعالى :( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) جاء في الحديث : أنها نزلت في علي كرم الله وجهه . قال الإمام ابن تيمية : وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم . أي وعلى تقدير صحته لا مانع من التعدد ».[3]
والجواب: إن ما ذكروه لا يصح :
أولاً : لتناقض الروايات في من أخبر رسول الله « صلى الله عليه وآله » بمقالة ابن أبي ، هل هو زيد بن أرقم ، أو سفيان بن تيم ، أو أوس بن أرقم ، أو عمر بن الخطاب.[4]
ثانياً : إن الآية قد نزلت قبل الهجرة في ضمن سورة الحاقة ، ويقال : كان ذلك قبل أن يسلم عمر بن الخطاب.[5]
ثالثاً : إن سياق الآيات لا يؤيد نزول الآية في زيد بن أرقم ، لأن الآية تذكر ما جرى لقوم عاد وثمود ، وفرعون ، والمؤتفكات . . إلى أن تقول : ( إِنَّا لَمَّا طَغَى المُاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الجَارِيَةِ ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ).[6] أي تعيها أذن تحصي هذه العبر والعظات ، والأحداث العظام وتحفظها . . وهذا لا ينسجم ولا ربط له بما حدث مع زيد وابن أبي ، لو صح ما يقال أنه جرى بينهما . .
رابعاً : أن حديث نزول هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب « عليه السلام » مروي عند أهل السنة ، وبطرقهم ، أكثر مما هو مروي عند الشيعة ..[7] وشخصيات الرواة توضح ذلك . بل إن بعض الرواة لم يكونوا في خط علي « عليه السلام » ، ولا من أنصاره . و في شرح المواقف : أكثر المفسرين على أنه علي.[8]
خامساً: لم يذكر لنا التاريخ أياً من أهل العلم قال : إن هذا الحديث موضوع ، فضلاً عن أن يكون أهل العلم قد اتفقوا على ذلك . وهذه هي الكتب والموسوعات متداولة بين أيدي جميع الناس.
____
المصادر:
[1] . سورة الحاقة ، الآية 12.
[2] . السيرة الحلبية، ج 2، ص 291 و ( ط دار المعرفة )، ج 2، ص 603.
[3] . المصدر، ج 2 ، ص 291 و ( ط دار المعرفة ) ج 2 ص 603.
[4] . في الدر المنثور : عن ابن مردويه ، عن ابن الزبير وفيه أيضاً عن أحمد ، عن عمرو : أنها نزلت قبل أن يسلم عمر .
[5] . الدر المنثور، ج 6، ص 258 و 260.
[6] . سورة الحاقة، الآيتان 11 و 12.
[7] . مناقب الإمام علي لابن المغازلي، ص 318 و 319 و 365. وفضائل الخمسة، ج 1، ص 272.
[8] . شرح المواقف، ج 8 ، ص 370 .