عالم آل محمد

12:27 - 2022/06/08

هذا المقال غيض من فيض لنتعرف من خلاله على شخصية الإمام الرضا عليه السلام وبعض جوانب حياته.

عالم آل محمد

مطهّرون نقيات ثيابهم                                            تجرى الصلاة عليهم اينما ذكروا

من لم يكن علوياً حين تنسبه                                       فماله من قديم الدهر مفتخر

عام 148 ه بزغت شمس قد عمّ بالأرجاء ضياؤها وبان قمر قد كشف عن الخافقين بهمها، ولد في هذا العام سراج الله، النور الثامن، علي بن موسى الرضا عليه آلاف التحية والثناء.

إنّ التعرف على الإئمة المعصومين عليهم السلام لا يتم لنا إلا عن طريق القرآن الكريم وعن طريقهم والنظر في سيرتهم وحياتهم.

فهم مطهرون ومعصومون بقوله تعالى: « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »[1] التي نزلت في شأنهم.

نستطيع أن نتعرف على الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) نشأته وحياته وسيرته عن طريق الروايات وشهادة التأريخ الصحيح.

ذكر صاحب كتاب عيون أخبار الرضا رواية عن السيدة الجليلة نجمة خاتون والدة الإمام الرضا (عليه السلام) فيما يرتبط بولادته أنّها قالت : «... فَدَخَلَ إِلَيَّ أَبُوهُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ(ع)فَقَالَ لِي هَنِيئاً لَكِ يَا نَجْمَةُ كَرَامَةُ رَبِّكِ فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ فِي خِرْقَةٍ بَيْضَاءَ فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْأَيْمَنِ وَ أَقَامَ فِي الْأَيْسَرِ وَ دَعَا بِمَاءِ الْفُرَاتِ فَحَنَّكَهُ بِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَيَّ فَقَالَ خُذِيهِ فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَرْضِهِ‌ ».[2]

وقد اشتهر الإمام الثامن (عليه السلام) بعدة القاب نقتطف منها بقدر ما يسع من المقال، فمن ألقابه المشتهرة بين أوساط المسلمين هو:

1- « عالم آل محمد » وذلك بتسمية من الإمام الصادق (عليه السلام) له، قَالَ أَبُو اَلصَّلْتِ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ :«أَنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ هَذَا أَخُوكُمْ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى عَالِمُ آلِ مُحَمَّدٍ فَاسْأَلُوهُ عَنْ أَدْيَانِكُمْ وَ اِحْفَظُوا مَا يَقُولُ لَكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ لِي إِنَّ عَالِمَ آلِ مُحَمَّدٍ لَفِي صُلْبِكَ وَ لَيْتَنِي أَدْرَكْتُهُ فَإِنَّهُ سَمِيُّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ »[3].

ومما يشهد للإمام بمكنون علمه الإلهي ما قاله عبد السلام بن صالِح الْهَرَويِّ فقد قال : «مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ‏ مِنْ‏ عَلِيِ‏ بْنِ‏ مُوسَى‏ الرِّضَا عليه السلام وَلَا رَآهُ عَالِمٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ بِمِثْلِ شَهَادَتِهِ، وَلَقَدْ جَمَعَ الْمَأْمُونُ فِي مَجَالِسَ لَهُ ذَوَاتِ عَدَدِ عُلَمَاءِ الْأَدْيَانِ، وَفُقَهَاءِ الشَّرِيعَةِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، فَغَلَبَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَقَرَّ لَهُ بِالْفَضْلِ، وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقُصُورِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا يَقُولُ: كُنْتُ أَجْلِسُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْعُلَمَاءُ بِالْمَدِينَةِ مُتَوَافِرُونَ، فَإِذَا أَعْيَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَشَارُوا إِلَيَّ بِأَجْمَعِهِمْ، وَبَعَثُوا إِلَيَّ بِالْمَسَائِلِ فَأَجَبْتُ عَنْهَا »[4]. كيف لا يكون الإمام هكذا وقد جعله الله سبحانه وتعالى عيبة علمه.

2- « الرئوف » فالإمام هو مظهر الرأفة الإلهية وقد توارث الرحمة من جده رسول الله (صلى لله عليه وآله) الذي علا خُلُقه جميع الخلائق. أخرج الكليني عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ قَالَ:«كُنْتُ مَعَ الرِّضَا عليه السلام فِي سَفَرِهِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَدَعَا يَوْماً بِمَائِدَةٍ لَهُ فَجَمَعَ عَلَيْهَا مَوَالِيَهُ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَوْ عَزَلْتَ لِهَؤُلَاءِ مَائِدَةً، فَقَالَ: مَهْ إِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاحِدٌ وَالْأُمَ‏ وَاحِدَةٌ وَالْأَبَ وَاحِدٌ وَالْجَزَاءَ بِالْأَعْمَالِ»[5] وقد أحسّ بهذه الرأفة وشهد لها كل من زار قبر الإمام (عليه السلام) في أرض خراسان.

وأمّا فضل زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) فهي أكثر من أن تحصى ولكن نذكر رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) تبين أهميتها وما يترتب عليها من الثواب الجزيل فعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : « سَتُدْفَنُ بَضْعَةٌ مِنِّي بِأَرْضِ خُرَاسَانَ ، مَا زَارَهَا مَكْرُوبٌ إِلاَّ نَفَّسَ اَللَّهُ كُرْبَتَهُ وَ لاَ مُذْنِبٌ إِلاَّ غَفَرَ اَللَّهُ ذُنُوبَهُ »[6].

يا أرض طوس سقاك الله رحمته                          ماذا حويت من الخيرات يا طوس

نعم، هذا الإمام جعله الله مناراً لعباده وهادياً إلى سبيله جعلنا الله من أتباعه وشیعته والسائرين بنهجه والسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّا.

المصادر:

[1] . الأحزاب، الآية 33.

[2] . عیون آخبار الرضا، ج1، ص20.

[3] . بحار الانوار، ج49، ص100.

[4] . إعلام الورى، ص 328.

[5] . الكافي، ج8، ص230.

[6] . وسائل الشيعة، ج14، ص557.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
3 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.