الشيعة هم أتباع أهل البيت عليهم السلام ولهم أوصاف ووظائف في عاتقهم بيّنتها لنا الروايات.
الشيعة وقد عرف عنهم بين المسلمين بأنّهم أتباع الإمام علي وأولاده (عليهم السلام) فلفظ الشيعة ومفهومه كان منذ بداية الإسلام وذلك بشهادة الروايات التي وردت في شأن نزول بعض الآيات منها ما جاء في تفسير الآية: « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ »[1] أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) يقول للإمام علي (عليه السلام): « أي عليّ ألم تسمع قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) هم أنت و شيعتك و موعدي و موعدكم الحوض إذا اجتمعت الأمم للحساب تدعون غرّاً محجّلين ».[2]
وأمّا ما جاء في بيان خلق الشيعة وحقيقتهم فهناك روايات كثيرة منها عنِ الصّادِقِ (عَلَیْهِ السَّلامُ) قالَ: « شِیعَتُنا خُلِقُوا مِنْ فاضِلِ طِینِتِنا وَ عُجِنُوا بِماءِ وَلایَتِنا... ».[3]والقول في خلق الأئمة المعصومين خارج عن طاقة هذا المقال ولكن نكتفي بما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة « خَلَقَكُمْ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ ».[4]
بعد بيان هذه المقدمة، نقول أنّ هناك للشيعة أوصافاً ووظائف في عاتقهم، فالإنتساب لأهل البيت (عليهم السلام) ليس من السهل ولا لقلقة لسان بل هناك توجد إلزامات على الشيعة أن يلتزموا بها ولا يكفي القول بأني شيعي أو محب لأهل البيت.
إذاً ما هي أوصاف الشيعة ووظائفهم؟
الجواب عن هذا السؤال يتضح لنا بعد مراجعة الروايات ففي كلام للإمام الصّادق (عليه السلام) يصف فيه الشيعة ويقول: « إنّما شِيعَةُ عليٍّ مَن عَفَّ بَطنُهُ وفَرجُهُ ، واشتَدَّ جِهادُهُ ، وعَمِلَ لِخالِقِهِ ، ورَجا ثَوابَهُ ، وخافَ عِقابَهُ ، فإذا رأيتَ اُولئكَ فاُولئكَ شِيعَةُ جعفرٍ ».[5]نستطيع أن نقول بأنّ هذه الرواية تبيّن الجوانب والوظائف الفردية للشخص ولكن الشريعة الإسلامية لا تهتم بالجانب الفردي فحسب بل تهتم بالجانب الإجتماعي أيضاً لذا كان الأئمة يحثون أتباعهم ويأمرونهم بما هو في عاتقهم أمام المجتمع ففي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: « مَعاشِرَ الشِّيعَةِ ، كُونُوا لنا زَينا ، ولا تَكُونُوا علَينا شَينا ، قُولُوا لِلناسِ حُسنا ، احفَظُوا ألسِنَتَكُم ، وكُفُّوها عنِ الفُضُولِ وقَبيحِ القَولِ »[6] فعلى الفرد المنتمي لأهل البيت (عليهم السلام) أن يستجرّ مودة الناس إلى نفسه وإلى أهل البيت(عليهم السلام) بما يقدمه من حسن سلوكه بين أفراد مجتمعه.
هذا وقد جاء في كتاب شرح نهج البلاغة قصة حول رجل يدعى الشقراني فيها درس كبير للشيعة، ينقل أنّه خَرَجَ العَطاءُ في أيّامِ المَنصورِ، وَ أقامَ الشُّقرانِىُّ ـ مِن وَلَد شقْرانَ مَولى رَسولِ اللّه ِ(صلى الله عليه و آله) بِبابِهِ أيّاما لا يَصِلُ إلَيهِ عَطاؤُوهُ؛ فَخَرَجَ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ مِن عِندِ المَنصورِ، فَقامَ الشّقرانِىُّ إلَيهِ، فَذَكَرَ لَهُ حاجَتَهُ، فَرَحَّبَ بِهِ، ثُمَّ دَخَلَ ثانِيا إلَى المَنصورِ، وَ خَرَجَ وَ عَطاءُ الشُّقرانِىِّ في كُمِّهِ فَصَبَّهُ في كُمِّهِ ثُمَّ قال: يا شُقْرانُ، إنَّ الحَسَنَ مِن كُلِّ أحدٍ حَسَنٌ، و إنَّهُ مِنكَ أحسَنُ لِمَكانِك مِنّا، و إنَّ القَبيحَ مِن كُلِّ أحَدٍ قَبيحٌ، وَ هُوَ مِنكَ أقبَحُ لِمَكانِكَ مِنّا.[7] ثم يقول صاحب هذا الشرح في ذيلها: « فاستحسن الناس ما قاله . و ذلك لأن الشقراني كان صاحب شراب ».
نعم، الفرد الشيعي ما كان يتأمر بما يأمره أهل البيت (عليهم السلام) وينتهي عما ينهون عنه.
المصادر:
[1] . البیّنة، الآیة ۷.
[2] . ينابيع المودة لذوى القربى، ج 1، ص125.
[3] . شجرة طوبى، ج1، ص3.
[4] . مفاتیح الجنان، ص163.
[5] . الكافي، ج2، ص233.
[6] . أمالي الصدوق، ص327.
[7] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج18، ص205.