الشاهد هو الحاكم

20:21 - 2022/06/12

الرقابة على أفعال الإنسان أمر أثبتته الآيات والروايات فعلى الإنسان أن يرى نفسه في محضر الله لكي يسلك طريق السعادة

الشاهد هو الحاكم

إنّ مما لا شك فيه ولاريب يعتريه، وجود الرقابة على الإنسان وأعماله ونواياه التي يأتي بأفعاله من أجلها. فآيات القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليهم السلام) هي كفيلة ببيان من يراقب الإنسان ويشهد على أعماله. وليعلم القارئ العزيز أنّ المراقب لأعمالنا ليس هو الله سبحانه وتعالى فحسب بل هناك من يراقب ويشاهد أعمالنا غير الله وهو النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنون، قال الله تعالى: « وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ...»[1]فالإنسان الموحد يرى الله في  كل حين ويعلم أنّه المراقب له ولكن من بين أفراد البشر من تغشّى عقله بغشاء الغفلة واتسخت فطرته بدرن الذنوب فأصبح لا يرى النور وظنّ أن لا يراه أحد فحينها يأتي النداء من الباري جل وعلا: « أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ »[2] بعد ذلك يأتي كلام أهل بيت الوحي(عليهم السلام) لينير كيان البشر ويخرجه من عتمة الغفلة، ففي رواية عن أميرالمؤمنين(عليه السلام): «اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللَّهِ فِي الْخَلَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ»[3]ولا یخفى عليكم أنّ الرقابة تكون على أعمالنا الصالحة والطالحة فالآية الكريمة تقول: «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ».[4]

هذا الرقيب والشاهد الأول وما أعظمه من شاهد! وأمّا الشاهد الآخر هو سيد المرسلين وخاتم الأنبياء محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) فقد  روي عن الإِمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: تعرض الأعمال على رسول الله أعمال العباد كل صباح، أبرارها وفجارها، فاحذروها، وهو قول الله (عزَّوجلّ: ( «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله» وسكت.[5]

والشاهد الثالث وفق الآية هم المؤمنون وما يظهر من الروايات، أنّ المراد من المؤمنين هم فئة خاصة وعلى رأسهم أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) فقد ورد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍعَنْ أَبِيهِ جَعْفَرٍ،عَنْ أَبِيهِ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نُصِبَ مِنْبَرٌ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ لَهُ أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ مِرْقَاةً،وَ يَجِيءُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ بِيَدِهِ لِوَاءُ الْحَمْدِ فَيَرْتَقِيهِ وَ يَرْكَبُهُ،وَ تُعْرَضُ الْخَلاَئِقُ عَلَيْهِ،فَمَنْ عَرَفَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَ مَنْ أَنْكَرَهُ دَخَلَ النَّارَ،وَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ -قَالَ-هُوَ وَ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ». [6]هذا، وقد ورد في رواية أخرى تقول أنّ المراد من المؤمنين هم أهل البيت (عليهم السلام) فعن أَبي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «وَ الْمُؤْمِنُونَ هُمُ الْأَئِمَّةُ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)».[7]

فوجود هذه الرقابة والإعتقاد بها ضرورية للإنسان بحيث يرى نفسه تحت المجهر فلا يأتي بعمل إلا ويرى نفسه في محضر الله ونبيه وأهل بيته فهم بإذن الله يطّلعون على أعمالنا وهذا يفهم من إطلاق الآية فمثل الذي يعتقد بهذه الرقابة كالذي يدخل في مكان ويعلم أنّ هناك كاميرات تسجّل أفعاله فلا يأتي بعمل يشينه، يقول الإمام الخميني (ره): «العالم محضر الله فلا تعصوا الله فی محضره»[8]

المصادر:

[1] . التوبة، الآية 105.

[2] . العلق، الآية 14.

[3] . نهج البلاغة، الحكمة 324.

[4] . یونس، الآية 61.

[5] . أصول الكافي، ج1، ص171.

[6] . البرهان في تفسير القرآن، ج2، ص844.

[7] . المصدر، ج2، ص844.

[8] . صحیفة الإمام الخميني (ره)، ج13، ص461.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
9 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.