الأنظمة العربية واسرائيل

18:22 - 2022/06/16

لم تمنع الجرائم الاسرائيلية المسجلة عبر التاريخ على جبينها الانظمة العر بية من الانبطاح وتطبيبع العلاقات معها مع مافي ذلك من محذور عقلي وانساني قبل أن يكون شرعيا. 

الانظمة العربية,اسرائيل,التطبيع

الأنظمة العربية واسرائيل

إن الشرع المقدس بين لنا بشكل واضح لالبس فيه، ولايقبل التأويل موقفه من أعداء الاسلام، وأعداء الدين وليس الكيان الصهيوني إلا منهم. حيث نهانا عن موالاتهم والتودد إليهم واتخذاهم أولياء وحذرنا من ذلك في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ }.[1] وقوله تعالی: {  يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُۥ مِنْهُمْ }.[2] وكذا قوله تعالى :{  يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰنًا مُّبِينًا }.[3] وقوله أيضا : { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }.[4] هذا بالنسبة إلى الذكر الحكيم، أما من السنة الشريفة، فيكفي أن نعتبر بتعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أعداء الاسلام حين أعلنوا العداوة والبغضاء بغدرهم ونفاقهم وخيانتهم للعهود ، إذ كان موقفه  منهم صلى الله عليه وآله حاسما وصارما دون مواربة أو مساومة ، وقصته مع يهود بني قريظة خير شاهد.[5]

بعد هذا العرض الموجز لموقف الشريعة الاسلامية  من اعداء الله ورسوله والمؤمنين؛ يُطرح السؤال التالي: ماهو المسوغ الذي دفع الأنظمة العربية  لكي تُطبع علاقاتها مع اسرائيل بكل أشكالها سواء اقتصاديا أو سياسيا أو ثقافيا أو علميا أو أمنيا، وهي الغدة السرطانية في الأمة كما وصفها الإمام الخميني( قدس سره) ، و العدو الأول للإسلام والمسلمين ، وقاتلة الاطفال والشيوخ ، ومغتصبة الأرض والعرض ؛ ماالذي يدفعهم للتودد إليهم، وفي نفس الوقت يُعلنون بكل وقاحة معاداتهم للجمهورية الاسلامية الايرانية وللمقاوة في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن؟!

وقبل الجواب على السؤال كتوطئة نقول: إن تطبيع الأنظمة العربية علاقاتها مع اسرائيل المجرمة التي يشهد على جرائمها ومجازرها القاصي والداني ضد الشعب الفلسطيني؛ والهرولة إلى حضنها من قِبل أنظمة العار هذه؛ ليس وليد اللحظة بل له تاريخ ممتد عبر عقود . فمنذ وعد بلفور ؛ وقيام الكيان الصهيوني ؛ سارعت الأنظمة العربية إلى الكيان من أجل استرضائه ،  لنيل الرضا الأمريكي عنهم. وأول من فتح باب التطبيع مع اسرائيل ؛ النظام المصري ، فقد كان الراعي الرسمي لبداية التطبيع ، ليأتي الدور على السطة الفلسطينية بعد ذلك ثم الأردن ، ليلحق بهم مؤخًرا كل من الإمارات والبحرين والسودان، والمغرب. هذا هو المعلن عنه من بعض الأنظمة العربية.[6] أما ما خفي من الإنبطاح من الأنظمة العربية الأخرى فمازال حبيس الغرف المظلمة.

وبالعودة إلى سؤالنا نقول في الجواب: إنه لايوجد أي مسوغ يُبيح ويُجيز لهذه الأنظمة والحكومات التطبيع والتذلل إلى القتلة والغاصبين الإسرائيليين؛ لا عقلي ولا انساني فضلا عن أن يكون شرعيا ، بل إن هذا العمل الجبان فيه مخالفة واضحة وصریحه لأمر الله تعالى ونهج رسوله صلى الله عليه واله وسلم كما عرفنا.

وإذا ما سألت أنظمة الذل هذه؛ عن الاسباب التي خوّلت لهم التوسل والإنبطاح إلى الكيان الصهيوني المحتل؟ يجيبونك بسرعة البرق قائلين السبب الرئيسي هو: الخطر الإيراني المُحدق والمليشيات التي تدعم في المنطقة ، وكأن إيران ليس لها دور في الأمة الاسلامية إلا التخريب وزرع الفتنة..! غير أن هذه الحجج الواهية لا تصمد على أرض الواقع. فإن الجمهورية الاسلامية هي أول من دفع ولازال يدفع ثمن الوقوف مع الشعوب المظلومة والمضطهدة ومنها الشعب الفلسطيني الذي يكتوي يوميا بنار الإسرائيليين والكيان الصهيوني الغاصب ، وما الحصار الاقتصادي والعقوبات المسلطة عليها من الغرب إلا نتيجة مواقفها من القضية الفلسطينية خاصة وعدم اعترافها باسرائيل . إضافة إلى دعمها المستمر للمقاومة الفلسطينية حين تخلت عنها كل الانظمة العربية والاسلامية خوفا أو طمعا.  فلو كانت إيران خطرا على الدول العربية على الأقل لكانت تُعربد كما يُعربد الغرب والشرق في البلاد العربية والإسلامية؛ من نهب للثروات ودعم للانقلابات.

إذن هذه الذرائع التي تَتبجّح بها الانظمة  العربية لاتصمد أمام حقائق الواقع التي باتت معروفة عند الصغير قبل الكبير ، ولاحاجة للعناء عند البحث عن صدقها و واقعيتها .

يقول الإمام الخامئني (دام ظله) كلاما نفيسا في هذا الصدد : بعض الملوك والرؤساء العرب، ولاستعطاف أنظار معبودتهم أمريكا؛ يتناسون إزاء الكيان الصهيوني حتّى دوافعهم العربية وعنصرهم القومي الذي يلهَجُون دائمًا بذكره، ويقومون بدل ذلك بإحماء حلبة السباق مع الكيان الصهيوني أكثر فأكثر لأخذ المساعدات من أمريكا. ...

في اعتقادي هؤلاء القادة الخونة؛ يجب استخدام القومية والوحدة العربية حينما تريد أمريكا استغلالهما ضدّ ايران الإسلامية والإسلام المُحمدي (صلى الله عليه وآله وسلم) الأصيل، فقط. أُفٍّ لضمائر نائمة ولقلوب غير نقيّة؛ توسّلت عناية واهتمام أمريكا بثمن التّخلي عن كلّ شيء؛ حتّى الثروات الطبيعية التي وهبها الله، وحتّى المنزلة والكرامة الإنسانيّتين والإيمان الإسلامي، وعزّة شعوبها ومكانتها وتميُّزها، وهم بكفرهم بنِعَم الله؛ ابتلوا أنفسهم وشعوبهم بهاوية الانحطاط وبالسخط الإلهي {أَلَمْ تَرَ إلَى الّذين بدّلوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرًا وأحَلُّوا قَوْمَهُم دارَ البَوار * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ القَرار}.[٧]

والنتيجة التي نتوصل إليها؛ مفادها أن الأنظمة العربية قد خانت الدين والمقدسات، و رضيت بالهوان والخزي والعار، وانسلخت عن دورها الواجب عليها؛ خوفا أو طمعا. وفي كلتا الحالتين لاعذر ولا ذريعة.

___________

المصادر :

[1]. سورة الممتحنة، الآية1.
[2]. سورة المائدة، الآية51.
[3]. سورة النساء، الآية144
[4]. سورة المائدة، الآية57.
[5]. كمال الدين، ص114_115.
[6]. مصر في1987. _منظمة التحرير الفلسطينية في1993. _الأردن في1994. _الإمارات والبحرين والسودان في2020. _المغرب في2021.
[7]. الإمام الخامنئي: عارُ التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يُمحى عن جبين الحكام الخونة من العرب. من موقع سماحته. 

فایل ضمیمه: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
18 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.