بعث رسول الله « صلى الله عليه وآله » خالد بن الوليد إلى حي يقال لهم : بنو المصطلق من بني جذيمة . و كانوا قد أطاعوا رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وأخذوا منه كتاباً ، فلما ورد عليهم خالد بن الوليد ، أمنهم ثم شنّ فيهم الغارة ، فقتل ، وأصاب .
غدر خالد بن الوليد ببني جذيمة ، فوصل خبر ما فعله خالد بن الوليد الى النبي « صلى الله عليه وآله » لذا استقبل القبلة قائماً شاهراً يديه ، حتى إنه ليرى ما تحت منكبيه ، يقول : « اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد » . ثلاث مرات.[1]
إصلاح ما أفسده خالد بن الوليد
أرسل النبي « صلى الله عليه وآله » علياً أمير المؤمنين « عليه السلام » بمال ورد إليه من اليمن، فودى به لهم الدماء ، وما أصيبوا من الأموال.[2]
رجع عليّ « عليه السلام » - بعد ما حكم فيهم بحكم الله - استقبله رسول الله «صلى الله عليه وآله» يسأله عمّا صنع وعن حال القوم، فقال : يا علي ، أخبرني بما صنعت . قال : يا رسول الله ، قدمنا على قوم مسلمين ، قد بنوا المساجد بساحتهم ، فودّيتُ لهم كل من قتل خالد حتى ميلغة الكلاب.[3]
فأعطيت لكل دم دية ، ولكل جنين غرة ، ولكل مال مالاً . وفضلت معي فضلة ، فأعطيتهم لروعة نسائهم ، وفزع صبيانهم . وفضلت معي فضلة ، فأعطيتهم لما يعلمون ولما لا يعلمون . وفضلت معي فضلة ، فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله . فقال « صلى الله عليه وآله » : يا علي ، أعطيتهم ليرضوا عني ؟ ! رضي الله عنك ، يا علي ، إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي[4]. لقد « أصبت ، وأحسنت » .
وفي حديث آخر : أنه « صلى الله عليه وآله » قال: ألا إن السعيد كل السعيد من أحبك ، وأخذ بطريقتك . ألا إن الشقي كل الشقي من خالفك ، ورغب عن طريقتك إلى يوم القيامة ».[5]
وهنا ملاحظة:
إنه « صلى الله عليه وآله » قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد . ولم يصرح ببراءته من خالد بن الوليد نفسه . .
ربما لان فعل خالد بن الوليد كانت تكتنفه الشبهة بحسب ظواهر الأمور ، التي يجب على النبي « صلى الله عليه وآله » أن يعامل الناس بها وعلى أساسها . . فالشبهة تدرأ المؤاخذة عن خالد بن الوليد . . ويبقى الفعل وآثاره التي يجب إزالتها في الواقع الخارجي . . ولأجل ذلك لم يكن التعرض لخالد بن الوليد بشيء مما يدخل في دائرة المؤاخذة ، وترتيب الأمر على فعله هذا .
____
المصادر
[1] - أحمد في المسند، ج 2 ،ص 151.
[2] - سبل الهدى والرشاد، ج 6 ،ص 201.
[3] - المغازي للواقدي، ج 3 ،ص 882 .
[4] - مستدرك الوسائل، ج 18 ،ص 366 و 367.
[5] - موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام، ج 11 ،ص 219