-حكم الامام علي عليه السلام في بني جذيمة - الذين غدر بهم خالد بن الوليد - بحكم يرضي الله ورسوله.
لقد تكرر حديث المنزلة في عدة مواقف:
منها : لما خرج رسول الله « صلى الله عليه وآله » في غزوة تبوك، استخلف علي بن أبي طالب « عليه السلام »على المدينة، فماج المنافقون في المدينة، وفي عسكر رسول الله « صلى الله عليه وآله » وقالوا: كره قربه، وساء فيه رأيه.[1]
فاشتد ذلك على علي « عليه السلام »، فقال : يا رسول الله، إني أكره أن يقول العرب، خذل ابن عمه، وتخلف عنه. فذكر له رسول الله « صلى الله عليه وآله » حديث المنزلة وقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟!. قال: بلى. قال: فاخلفني. [2]
ومن موارد ذكر حديث المنزلة ، مناسبة ما وقع لبني جذيمة، فإنه كان لهم كتاب من رسول الله « صلى الله عليه وآله » يضمن لهم سلامتهم ، وأمنهم ، ويعتبرهم في ذمة الله ورسوله .لكن خالد بن الوليد أخلّ بذلك فقتل صغيرهم وكبيرهم، وهذه الذمّة يحتّم الوفاء بها ، وإعادة الأمور إلى نصابها.
فبعث رسول الله « صلى الله عليه وآله » عليا « عليه السلام » الى القوم ليدفع اليهم مالاً في مقابل تلك الأمور وما أحدثه خالد. ولما رجع الامام « عليه السلام » و ذكر له ما حكم به عليهم، قال له رسول الله «صلى الله عليه وآله» بتلك المناسبة : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ».[3] ويظهر من حديث المنزلة أنه لو أراد النبي «صلى الله عليه وآله» ان يتولى هذا الأمر في بني جذيمة لم يزد على ما فعله علي « عليه السلام ».
مسؤولية الرسول ووصيه صاحب حديث المنزلة
إن ما قام به الامام « عليه السلام » وتكرار ذكر حديث المنزلة بمناسبات شتى، يدلّنا على مسؤولية حقيقية لولي الأمر وهو الرسول ووصيه والإمام من بعده ، عن أمثال هذه الأمور، وأنها ليست مسؤولية أدبية أو سلطوية ، بل هي مسؤولية مادية حقيقية وواقعية ، ويحتاج إلى إبراء ذمته من هذا الحق المالي ، وأن هذا الحق قد أثبته الله على نفسه أيضاً . ولأجل ذلك صرح « عليه السلام » بأنه أراد ببعض ما أعطاه أن يبرئ ذمة الله ورسوله .
إنه « عليه السلام » أعطاهم من أجل أن يرضوا عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، ليحفظ دينهم ويصون إيمانهم . إنها مسؤولية تدل على أنه لا بد لمن يتصدى لإنصاف الناس ، ويتحمل مسؤوليتهم أن يكون عارفاً بأسرار الشريعة ، واقفاً على دقائقها وحقائقها ، وكوامنها وأهدافها . ولذا ذكر في حقه رسول الله « صلى الله عليه وآله » حديث المنزلة لانه أهل لمثل هذه المنزلة.
_____
المصادر:
[1] . مسند أبي يعلى، ج2 ،ص66.
[2] . مجمع الزوائد ، ج9 ص109.
[3] . غاية المرام ،ج 2 ،ص 75 و 76 .