أخلاق أهل البيت عليهم السلام

17:56 - 2022/07/04

لقد سمت أخلاق أهل البيت عليهم السلام رفعة وسموا لايضاهون في ذلك ، فهم الطاهرون المطهرون.

أخلاق أهل البيت عليهم السلام

أخلاق أهل البيت عليهم السلام تجلت للعالمين بكل جلالها وقدرها ، فلم تبلغ الجرءة عند واحد ممن في قلبه ذرة إيمان أن ينكرها أو يحاول طمسها ، فهم القدوة في مكارم الأخلاق فهم الطاهرون المطهّرون من كلّ رجسٍ ورذيل: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }. [1] . 

وسيّد أهل البيت عليهم السلام في الرفعة والأخلاق هو الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم حیث أثنى عليه تعالى بقوله : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }. [2] . فهو منبع أخلاق أهل البيت عليهم السلام.

وقال عنه جل وعلا : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }. [3] .

وهاهو أمير المؤمنين عليه السلام یصفه بأجمل بيان بقوله : "  كان أجود الناس كفّاً ، وأجرأ الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجةً ، وأوفاهم ذمّةً ، وألينَهم عريكةً ، وأكرمهم عِشرةً ، مَن رآه بديهةً هابَه ، ومَن خالطه أحبّه ، لم أرَ مثلَه قَبله ولا بَعده ".[4] . 

وحسبك في علو أخلاقه عفوه وصفحه عن صناديد قريش عند فتحه لمكة رغم مالاقى منهم من الأذى والتعذيب.

ومثله صلى الله عليه وآله وسلم  كان خلفاؤه الأئمّة المعصومون من أهل بيته عليهم السلام من بعده ، فكانوا نموذجاً في سموّ الآداب ومكارم الأخلاق ، ومثالاً له في الدعوة إلى حُسن الخلق ، وإنماء الفضيلة.

وهنا نذكر نماذج ودروسا من وصاياهم التي هي قيم عالية عن أخلاق أهل البيت عليهم السلام وفي هذه النماذج الأمر بالتحلي بالأخلاق والفضيلة لتهذيب الضمائر وتزكية النفوس ، فقد أعطوا وبثوا وصايا في الأدب الإلهي الزكي.

ففي وصيّة أمير المؤمين عليه السلام لکمیل یقول: " يا كميل : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أدّبه الله عزّ وجلّ ، وهو أدّبني ، وأنا أؤدّب المؤمنين ، وأورّث الأدب المكرّمين " . [5] . 

وفي حديث له عليه السلام : " إنّ الله كريمٌ حليمٌ عظيمٌ رحيم ، دلّنا على أخلاقه ، وأمرَنا بالأخذ بها وحَمْل الناس عليها.. فقد أدّيناها غير متخلّفين ، وأرسلناها غير منافقين ، وصدّقناها غير مكذّبين ، وقبلناها غير مرتابين "  [6]. 

وفي كلام لمولانا الإمام الحسن المجتبىٰ عليه السلام في مظهر من مظاهر أخلاق أهل البيت عليهم السلام یقول : " يا ابن آدم عُفّ عن محارم الله تكُن عابداً ، وارضِ بما قسم الله سبحانه تكن غنيّاً ، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً ، وصاحِب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عدلاً.. إنّهم كان بين أيديكم أقوامٌ يجمعون كثيراً ، ويبنون مشيداً ، ويأملون بعيداً.. أصبح جمعهم بواراً ، وعملهم غروراً ، ومساكنهم قبوراً.. يا ابن آدم لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن اُمّك ، فخُذ ممّا في يديك لما بين يديك ، فإنّ المؤمن يتزوّد ، والكافر يتمتّع "

وكان علیه السلام بعد هذه الموعظة یتلو قوله تعالى : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ } [7].

وفي وصيّة مولانا الإمام الباقر عليه السلام لجابر الجعفي وجماعة الشيعة تبين أيضا أخلاق أهل البيت عليهم السلام : " قال جابر : دخلنا على أبي جعفر عليه السلام ، ونحن جماعة ، بعدما قضينا نسكنا ، فودّعناه وقلنا له أوصنا يا ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : ليُعن قويّكم ضعيفكم ، وليعطف غنيّكم على فقيركم ، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه ، واكتموا أسرارنا ، ولا تحملوا الناس على أعناقنا ، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به ، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه ، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شُرح لنا.. فإن كنتم كما أوصيناكم ، لم تعدْوا إلى غيره فمات منكم ميّت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً ، وإن أدرك قائمنا فقُتل معه كان له أجر شهيدين ، ومَن قَتَلَ بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً ". [8] . 

أخلاق أهل البيت عليهم السلام

وأوصى مولانا الإمام الرضا عليه السلام شيعته في حديث عبد العظيم الحسني بقوله : " يا عبد العظيم ... أبلغ عنّي أوليائي السلام وقُل لهم : أن لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلاً ، ومُرهم بالصدق في الحديث ، وأداء الأمانة.. ومُرهم بالسكوت وترك الجدال فيما لا يعنيهم ، وإقبال بعضهم على بعض ، والمزاورة فإنّ ذلك قربةً إليّ .. ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً ، فإنّي آليتُ على نفسي أنّه من فعل ذلك وأسخط وليّاً من أوليائي دعوت الله ليعذّبه في الدُّنيا أشدّ العذاب ، وكان في الآخرة من الخاسرين.. وعرّفهم أنّ الله قد غفر لمحسنهم ، وتجاوز عن مسيئهم ، إلّا من أشرك به ، أو آذى وليّاً من أوليائي ، أو أضمر له سوءاً ، فإنّ الله لا يغفر له حتّى يرجع عنه ، فإن رجع وإلّا نزع روح الإيمان عن قلبه ، وخرج عن ولايتي ، ولم يكن له نصيبٌ في ولايتنا. وأعوذ بالله من ذلك ". [9] .

ومن خلال هذه الكلمات والوصايا الربانية نصل إلى حقيقة إلهية عظيمة عن اخلاق أهل البيت عليهم وهي أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام قد انتهجوا في حياتهم نهج الإسلام ولم يحيدوا عنه ، بل هم الإسلام الناطق ، وكانوا لشيعتهم خير دليل إلى الفضائل ومكارم الأخلاق. 

_______________

المصادر:

[1]  . سورة الأحزاب : ۳۳.

[2]  . سورة القلم : ٤.

[3]  . سورة الأحزاب : ۲۱.

[4]  . سفينة البحار، ج ۲،  ص ٦۸۸.

[5] . بحار الأنوار، ج ۷۷، ص ۲٦۹.

[6] . بحار الأنوار، ج ۷۷،  ص ٤۱۸.

[7]  کشف الغمة في معرفة الأئمة ، ج۱ ،  ص۵۷۲.

[8] . بحار الأنوار، ج ۷۸، ص ۱۸۲.

[9] . الاختصاص،  ص ۲٤۷.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.