-يرى البعض أن آية البلاغ تضمنت تهديداً للرسول بالعذاب والعقاب إن لم يبلِّغ ما أنزل إليه من ربه ، وفي بعض الروايات أنه « صلى الله عليه وآله » قد ذكر ذلك في خطبته للناس يوم الغدير.
قضية الغدير والتهديد في آية البلاغ
الصحيح أن التهديد الحقيقي في آية البلاغ موجه لفئات من الناس كان يخشاها الرسول ، كما صرح هو نفسه « صلى الله عليه وآله » بذلك ولم يكن النبي « صلى الله عليه وآله » ممتنعاً عن الإبلاغ ، ولكنه كان ممنوعاً منه ، فالتهديد له - إن كان - فإنما هو من باب : « إياك أعني ، واسمعي يا جارة » .
إن من يراجع كتب الحديث والتاريخ ، يجد أن رسول الله « صلى الله عليه وآله » قد استخدم في سبيل تحقيق ما أمر الله به مختلف الطرق والأساليب التعبيرية ، وشتى المضامين البيانية : فعلاً وقولاً ، تصريحاً ، وتلويحاً ، إثباتاً ونفياً ، وترغيباً وترهيباً .
قضية الغدير في كتب الحديث والتاريخ
وهذه كتب الحديث والتاريخ ، طافحة بالنصوص والآثار الثابتة ، والصحيحة ، الدالة على إمامة علي أمير المؤمنين « عليه الصلاة والسلام » ، بحيث لا يبقى أدنى شك في أن النبي « صلى الله عليه وآله » لم يأل جهداً ، ولم يدخر وسعاً في تأكيد هذا الأمر ، وتثبيته .
إن قضية الغدير ، لا تزال هي القضية الأساسية والرئيسة بالنسبة للمسلمين بل للناس جميعاً ، وهي المفتاح للباب الذي لا بد من الدخول منه لحل المشاكل المستعصية الكبرى ، وبعث الإسلام العزيز من جديد ، وبناء قوته ، وبث الحياة والحيوية في أبنائه .
وبدون ذلك ، فإن على الجميع أن يستعدوا لمواجهة المزيد من المصائب ، وأن يقبلوا - شاؤوا أم أبوا - باستمرار حالة الضعف والتقهقر ، بل وانهيار بناء الإسلام الشامخ .
وقضية الغدير لا تقتصر على أن تكون مجرد قضية خلافة وحكم وسلطة في الحياة الدنيا ، لسنوات معدودة ، وينتهي الأمر .
إنّ قضية الإمامة وتحديد الموقف منها هو الذي يحدد مسار الإنسان واتجاهه في هذه الحياة . وعلى أساس هذا التحديد ، والمعرفة والاعتراف يتحدد مصيره ، ويرسم مستقبله ، وبذلك تقوم حياته ، فيكون سعيداً أو شقياً ، في خط الإسلام وهداه ، أو في متاهات الجاهلية وظلماتها ، كما أشير إليه في الحديث الشريف : « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » أو ما بمعناه [1] .
المصدر:
[1] - الغدير، ج 1 ،ص 390 ،عن التفتازاني في شرح المقاصد، ج 2 ،ص 275.