-رغم أن غير الشيعة من أرباب الفرق والمذاهب الإسلامية يدَّعون شيئاً ، ويمارسون شيئاً آخر ، فهم يعتقدون بالخلفاء أكثر مما يعتقده الشيعة في أئمتهم ، ويمارسون ذلك عملاً ، ولكنهم ينكرون ذلك ، ولا يعترفون به قولاً ، بل هم ينكرون على الشيعة اعتقادهم في أئمتهم ما هو أخف من ذلك وأيسر .
أهمية الإمامة في بناء مستقبل الانسان والحياة
ليس من الغريب أن يقال بأن معرفة قضية الإمامة وتحديد الموقف منها هو الذي يحدد مسار الإنسان واتجاهه في هذه الحياة . وبذلك تقوم حياته ، فيكون سعيداً أو شقياً ، في خط الإسلام وهداه ، أو في متاهات الجاهلية وظلماتها ، كما أشير إليه في الحديث الشريف : « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » أو ما بمعناه [1].
لذا فالإعتقاد بالإمامة وطريقة التعامل معها يجسد الإنسان على صعيد الواقع ، والعمل ، فيختار أهدافه ، ويختار السبل التي يرى أنها توصله إليها . كما أن لذلك تأثيره الكبير في تكوينه النفسي ، والروحي ، والتربوي ، وفي حصوله على خصائصه الإنسانية ، وفي حفاظه على ما لديه منها .
إنّ الإمامة هي التي تبين له الحق من الباطل ، والحسن من القبيح ، والضار من النافع . وعلى أساس الالتزام بخطها يرتبط بهذا الإنسان أو بذاك ، ويتعاون معه ، ويتكامل ، أو لا يفعل ذلك .
إن الانسان من الإمام يأخذ معالم الدين ، وتفسير القرآن ، وخصائص العقائد ، ودقائق المعارف . وهذا هو السر في اختلاف الناس في ذلك كله ، انهم اختلفوا في تحديد من يأخذون عنه دينهم ، وفي من يتخذونه أسوته وقدوته دون ذاك .
الإمامة وموضوع الغدير
وبناء على ما تقدم ، فموضوع الامامة والغدير، ونصب الإمام للناس ، وتعريفهم به ، لا يمكن أن يكون على حد تنصيب خليفة ، أو حاكم ، بل أمر الإمامة ، يمس في الصميم حقيقة هذا الإنسان ، ومصيره ومستقبله ، ودنياه وآخرته ، ويؤثر في مختلف جهات وجوده وحياته .
ومعنى ذلك ، أنه لا بد من حسم الموقف في أمر الامامة ، ليكون الإنسان على بصيرة من أمره ، فلا يموت ميتة جاهلية . كما ورد عن الرسول الأعظم « صلى الله عليه وآله » .
إن الحديث الشريف قيّد معرفة الإمام وجعله شرطا في النجاة من الهلكة ، وصيغة الحديث عامة تشمل كل إنسان ، حتى ولو لم يكن يعتنق الإسلام ، حيث قال : « من مات ولم يعرف إمام زمانه . . »[2] ، ولم يقل : إذا مات المسلم ولم يعرف . . الخ . .
والحاصل أن هذا الاشتراط يوضح أن تجاهل قضية الإمامة ، وعدم حسم الأمر في موضوع الأسوة والقدوة يساوي رفضها ، وإبعادها عن محيط الحياة والإنسان ، يوجب الميتة الجاهلية ، ويترك آثاره السلبية المهلكة والمبيدة ، على مجمل حياة هذا الكائن وعلى مستقبله ومصيره ، في الدنيا والآخرة .
المصادر:
[1] . مسند أحمد، ج 4، ص 96.
[2] . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج6، ص 2398.