شهداء الولاء

13:29 - 2022/07/14

- كان لأميرالمؤمنين (عليه السلام) أصحاب أوفياء، قد استشهدوا فيه سبيل محبته وولاءه، فنذكر في المقال بعض هؤلاء الشهداء السعداء.

أميرالمؤمنين

كان لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) أصحاب أوفياء قد عرفوا مكانة الإمام السامية فذابوا في محبته وولاءه، ولم يمنعنهم من الذب عنه (عليه السلام) أمر الحكومات الجائرة كالعقوبات والتضييقات التي كانت يفرضونها على أتباع أهل  البيت (عليهم السلام) حتى استشهدوا في سبيل محبة أميرالمؤمنين وولاءه، فبقيت أسمائهم ضمن الأسماء الخالدة، فنذكر في مقالنا هذا نبذة من حياة بعض أصحاب أميرالمؤمنين (عليه السلام) الخلّص الذين قضوا نحبهم في سبيل اعتلاء كلمة الحق.

أميرالمؤمنين

بعض الشهداء الذين استشهدوا في سبيل الدفاع عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)

«عمّار بن یاسر»

عمّار وما أدراك ما عمّار، الصحابي الجليل وهو ابن الشهيدين إذ تعرّض والداه إلى أبشع التعذيب من قبل المشركين حتى أصبحا في طليعة شهداء الإسلام، وقد توارث عمّار هذا الولاء والثبات من أبويه فأصبح ملازماً لأميرالمؤمنين (عليه السلام) ولم يرى إمامة وخلافة لغيره، فكان وما زال يوالي أميرالمؤمنين (عليه السلام) إلى أن حضر يوم صفين فكان يقاتل في جيش الإمام علي (عليه السلام) حتى استشهد على يد جيش معاوية بن أبي سفيان[1] فافتضح معاوية يومئذ لأنهم أصبحوا الفئة الباغية على حد تعبير النبي (صلى الله عليه وآله): يا عمّار «تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ».[2]

«محمد بن أبي أبكر»

هو ابن أبي بكر بن أبي قحافة وقد تربّى على يد الإمام علي (عليه السلام) وكان يبجله فعن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين يقول: إنّ المحامدة تأبى أن يعصى الله عز وجل قلت ومن المحامدة قال: محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أمير المؤمنين عليه السلام.[3] كان محمد بن أبي بكر لا يرى الخلافة لأبيه بل يعتقد بإمامة وخلافة أميرالمؤمنين (عليه السلام) حيث نقل عن أبي جعفر (عليه السلام): أن محمد بن أبي بكر بايع علياً (عليه السلام) على البراءة من أبيه[4]. فأصبح يسمو في سماء الولاء لأميرالمؤمنين (عليه السلام) إلى أن أرسله الإمام والياً على مصر أيام حكومته فأمر بقتله عمر بن العاص الذي كان من أعوان معاوية بن أبي سفيان، حتى استشهد على أيدي الظلمة[5] وله أبيات يظهر فيها ولاءه لأهل البيت (عليهم السلام) ورفضه لأي باطل:

يا بني الزهراء أنتم عدتي     وبكم في الحشر ميزاني رجح

 وإذا صح ولائي فيكم          لا أبالي أي كلب قد نبح[6]

«حجر بن عدي»

الصحابي الجليل الذي طالما ذاد عن الإسلام وعن النبي (صلى الله عليه وآله) ثم والى أميرالمؤمنين (عليه السلام) فشاركه في جميع حروبه، كان يعرف بالولاء لأميرالمؤمنين (عليه السلام) وكان يكافح أعداءه ومبغضيه، ينقل أنّ أنّ المغيرة بن شعبة لما ولي الكوفة كان يقوم على المنبر فيذمّ عليّ بن أبي طالب و شيعته، و ينال منهم، و يلعن قتلة عثمان، و يستغفر لعثمان و يزكّيه، فيقوم حجر بن عديّ فيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلى‌ أَنْفُسِكُمْ[7]‌، و إنّي أشهد أنّ من تذمّون أحقّ بالفضل ممن تطرون، و منّ تزكّون أحقّ بالذمّ ممن تعيبون.[8] بعد هذه المواقف أرسل إليه الطاغية معاوية ابن أبي سفيان يطلب منه البراءة من علي ولعنه فأبى ذلك حجر بن عدي حتى استشهد هو وجماعة كانوا من الموالين الخلّص.[9]

«قنبر»

قنبر مولى أميرالمؤمنين (عليه السلام) وكان ملازماً له ومن خلّص أصحابه وكان أميناً لأميرالمؤمنين وحامل رايته في بعض حروبه ويشهد على حبه لأميرالمؤمنين (عليه السلام) قول الإمام الصادق (عليه السلام): كانَ لعليٍّ عليه السلام غُلامٌ اسْمُهُ قَنَبرٌ، وكانَ يُحِبُّ عليّا عليه السلام حُبّا شديداً، فإذا خَرَج عليٌّ عليه السلام خَرَج على أثَرِهِ بالسَّيفِ، فرَآهُ ذاتَ لَيلةٍ فقالَ: يا قَنبرُ، ما لَكَ؟ قالَ: جِئْتُ لأمْشي خَلْفَكَ، فإنَّ النّاسَ كما تَراهُم يا أميرَ المؤمنينَ، فخِفْتُ علَيكَ ! قالَ: وَيْحَكَ، أ مِنْ أهلِ السّماءِ تَحْرِسُني أمْ مِن أهلِ الأرضِ؟! قالَ: لا ، بَل مِن أهلِ الأرضِ، قالَ: إنَّ أهلَ الأرضِ لا يَسْتطيعونَ لي شَيئا إلاّ بإذْنِ اللّهِ عزّ و جلّ مِن السّماءِ فارْجِعْ ، فرَجَعَ.[10]

فآل هذا الحب والولاء إلى أن يستشهد على يد الطاغية الحجاج بن يوسف حيث يروى أن قنبر مولى أمير المؤمنين أدخل على الحجاج بن يوسف فقال له: ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب ع قال: كنت أوضيه- فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه قال: كان يتلو هذه الآية «فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ‌ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‌«[11] فقال الحجاج: كان يتأولها علينا فقال: نعم، فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك‌؟ قال: إذاً أسعد و تشقى فأمر به [فقتله‌].[12]

نعم، هكذا كانوا يوالون أميرالمؤمنين (عليه السلام) حتى قضوا نحبهم في سبيله فسلام عليهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون، ولنسأل أنفسنا هل عرفنا مكانة أميرالمؤمنين؟ وما مدى ولاءنا له؟ هل استطعنا أن ندافع عنه بأقوالنا وأفعالنا وأقلامنا؟ وليسعى كل منّا بتعريف أميرالمؤمنين إلى العالم كي يستضئوا بنوره وينتهلوا من منهله الروي.

المصادر:

[1] . تاريخ دمشق، ج43، ص414.

[2] . الطبقات الكبرى، ج3، ص252.

[3] . بحارالأنوار، ج33، ص242.

[4] . نفس المصدر، ج33، ص585.

[5] . الإستيعاب، ج3، ص1414.

[6] . قاموس الرجال، ج9، ص19.

[7] المائدة، الآية8.

[8] . الأغاني، ج17، ص90.

[9] . نفس المصدر، ج17، ص102.

[10] . ميزان الحكمة، ج3، ص7.

[11] . الأنعام، الآية 44-45.

[12] . تفسير العياشي، ج1، ص359.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.