عوّض الله الإمام الحسين

إنّ مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) لم تجر مثلها مصيبة، فهي خطب جليل وحدث عظيم، حيث اجترؤوا على سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقتلوه وقتلوا أولاده وجماعة من خيرة بني هاشم وأصحابه بأبشع قتل وسبوا عياله، فكان كل ذلك من أجل حفظ دين جده واستمرار الشريعة المقدسة ولذا عامل الله تعالى بنفسه وأهل بيته وكل ما يملك وكأنما لسان حاله:

تركتُ الخلقَ طرَّاً في هواكا               وأيتمتُ العيال لكي اراكا

 فلو قطَّعتني في الحبِّ إرباً             لما مال الفؤاد إلى سواكا

خصال الإمام الحسين (عليه السلام)

فعوّضه الله تعالى بذلك خصالاً لم ترد لغيره من الأنبياء والأئمة، ولا يخفى على أحد أن ثبوت الخصال لإمام دون إمام لا تدلّ على الأفضيلة أحياناً، بل هي خصائص فردية جعلها لفرد دون فرد، ومما يدلنا على خصال الإمام الحسين (عليه السلام) هي الروايات التي وصلت إلينا عن أهل البيت (عليهم السلام) فروي أنّ الله عوض الحسين (عليه السلام) من قتله أربع خصال: جعل الشفاء في تربته، وإجابة الدعاء تحت قبته، والأئمة من ذريته، وأن لا تعد أيام زائريه من أعمارهم.[1]

أما التربة فقد وردت روايات كثيرة في فضلها، فتارة يترتب عليها أثر مادي كالشفاء وتارة أثر معنوي وهو كسب الأجر والثواب بسببها فعن الحسن بن علي بن شعيب يرفعه إلى بعض أصحاب أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: دخلت إليه قال: لا يستغني شيعتنا عن أربع: خمرة يصلي عليها، وخاتم يتختم به، وسواك يستاك به، وسبحة من طين قبر أبي عبد الله عليه السلام فيها ثلاث وثلاثون حبة متى قلبها ذاكرا لله كتب له بكل حبة أربعين حسنة، وإذا قلبها ساهيا يعبث بها كتب له عشرون حسنة أيضا.[2] فما أعظم هذه التربة وأجل شأنها.

ثم الخصلة الثانية هي إجابة الدعاء تحت قبته، فإن بقعة كربلاء من البقاع المقدسة التي يستجاب فيها الدعاء فقد روي أنّ الصادق (عليه السلام) مرض فأمر من عنده أن يستأجروا له أجيرا يدعو عند قبر الحسين عليه السلام، فوجدوا رجلا فقالوا له ذلك، فقال: أنا أمضي ولكن الحسين امام مفترض الطاعة، وهو امام مفترض الطاعة، فرجعوا إلى الصادق (عليه السلام) وأخبروه فقال: هو كما قال: ولكن ما عرف أن لله تعالى بقاعا يستجاب فيها الدعاء فتلك البقعة من تلك البقاع.[3]

وأما الخصلة الثالثة فإنّ التسعة المعصومين من ذريته، من الإمام السجاد (عليه السلام) إلى القائم المهدي من آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) فعن أبي سعيد قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول للحسين: ياحسين أنت الإمام ابن الإمام أخوالإمام، تسعة من ولدك أئمة أبرار، تاسعهم قائمهم، فقيل: يارسول الله كم الائمة بعدك؟ قال : اثنا عشر تسعة من صلب الحسين.[4]

والخصلة الرابعة هي أنّ أيام زائريه لا تعد من أعمارهم، وهناك روايات كثيرة ومتظافرة تحث المسلمين على زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، وكل ذلك من أجل أن يرتبط الفرد بالروح الإلهية والمبادئ والقيم الإنسانية التي جاء من أجلها النبي (صلى الله عليه وآله) ولذلك كان بنو أمية وبنو العباس يمنعون الناس من الزيارة ويفرضون العقوبات على الزوار لأنهم يرونها خطراً عظيماً على سلطانهم وملكهم.

ومما ورد في فضل زيارته رواية عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال: إنّ الحسين صاحب كربلاء قُتل مظلوماً مَكروباً عَطشاناً لَهفاناً، وحقٌّ على الله عزَّوجَلَّ أن لا يأتيه لَهفانٌ ولا مَكروبٌ ولا مُذنبٌ ولا مَغمومٌ ولا عَطشانٌ ولا ذو عاهةٍ ثمَّ دعا عنده وتقرَّب بالحسين عليه‌السلام إلى الله عزَّوجَلَّ إلاّ نفَّس الله كُربتَه، وأعطاه مسألتَه، وغفر ذنوبه، مَدَّ في عمره، وبسط في رِزقه، فاعتبروا يا أولي الأبصار! ».[5]

نعم، الإمام الحسين (عليه السلام) ضحّى بكل شيء من أجل محبوبه وكان حقّاً على الله تعالى أن يكرمه بهذه الكرامات.

المصادر:

[1] . وسائل الشيعة، ج10، ص421.

[2] . المصدر.

[3] . المصدر.

[4] . بحار الأنوار، ج36، ص291.

[5] . كامل الزيارات، ص185.