إحدى المسائل التي تناولتها أقلام العلماء في الابحاث العقائدية، مسألة العصمة التي طُرحت فيها النظريات المختلفة بين راد لها و موافق.
اكّد علماء الشيعة على ضرورة العصمة في ابحاثهم الكلامية والتفسيرية والحديثية، والعصمة شرط في النبي عند أكثر المسلمين ، ورأي الامامية في العصمة أن الأنبياء معصومون عن الصغائر والكبائر ، منزهون عن المعاصي ، قبل النبوة وبعدها ، على سبيل العمد والنسيان ، وعن كل رذيلة ومنقصة وما يدل على الخسة والضعة .
لكنّ بعض المخالفين جوزوا المعاصي ، والسهو والغلط ، ونسبوا إلى النبي صلى الله عليه وآله كثيرا من النقص.[1]
إن العصمة حالة معنوية توجد في الإنسان بفضل الله سبحانه وتعالى ، فلا تكون كسبية ولا تحصل بالاكتساب. لذا لا بد من مجئ دليل من قبل الله تعالى يكشف عن وجودها في المعصوم ، وعليه فلا تُقبل دعوى العصمة من أي أحد إلا اذا كان لها استناد من نص أو معجزة يجريها الله سبحانه وتعالى على يد هذا المدعي للعصمة ، فلا تسمع دعوى النبوة ولا تسمع دعوى الإمامة من أحد إلا إذا كان معه دليل قطعي يثبت إمامته أو نبوته ورسالته .
دليل العصمة
و الدليل على العصمة المطلقة التي يدعيها الإمامية حتى عن السهو والخطأ والنسيان ، هو كل ما دل من الكتاب والسنة والعقل والإجماع على وجوب الانقياد للإمام أو النبي ، على وجوب إطاعته إطاعة مطلقة غير مقيدة .
فالإمام حجة لله سبحانه وتعالى على خلقه ، والخلق إن انقادوا لهذا الإمام ، وامتثلوا أوامره ، وطبقوا أحكامه وأخذوا بهديه وسيرته ، فسوف يحتجون على الله سبحانه وتعالى بهذا الإمام .
اذن في بحث العصمة يجب أن يكون النبي منزها عن المنفر ، لأن الله سبحانه وتعالى قد نصب هذا الشخص لأن تكون جميع أعماله حجة ، ولأن يكون أسوة وقدوة في جميع أعماله وحالاته وسيرته وهديه ، فإذا جاء الأمر بالانقياد مطلقا ، جاء الأمر بالطاعة المطلقة ، لا بد وأن يكون المطاع والمنقاد له معصوما حتى من الخطأ والنسيان .
وبناء على هذا فما نسبوه الى النبي صلى الله عليه وآله بالنسبة الى تأبير النخل يكون محل تأمل، فقد روي عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة قال: مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رءوس النخل، فقال: «ما يصنع هؤلاء؟» قلت: يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنثى فتلقح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أظن يغني ذلك شيئا». قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فلم تحمل ذلك العام شيئا، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: «إن كان ينفعه من ذلك فليصنعوه، فإني ظننت ظنا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب على الله»[2]
المصادر:
[1] . نهج الحق وكشف الصدق، ص 142.
[2] . حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - ط السعادة،ج 4، ص 372. - منة المنعم في شرح صحيح مسلم،ج 4 ،ص 60.