المراد من حرص آدم عليه السلام

10:29 - 2022/09/07

-أهل البيت (عليهم السلام) وأتباعهم دائماً ينزّهون الأنبياء من الصفات الدانية ويعتقدون أنّهم معصومون وأنّهم الذروة في الأخلاق النبيلة.

آدم

المراد من الحرص المنسوب إلى آدم (عليه السلام)

الأنبياء (عليهم السلام) في القاموس الشيعي لهم المرتبة السامية والدرجة الرفيعة ودائماً يسعى الشيعة إلى تنزيههم عمّا يشينهم ويدافعون عنهم ويعتقدون أنّ الأنبياء معصومون ومطهّرون من كلّ دنس وأنّ كلّ ما يتوهمّه الفرد من المعنى السلبي في بعض النصوص الدينية بالنسبة لبعض الأنبياء ناتج عن عدم المعرفة والإلمام بكل الجوانب.

فالشيعة في الطليعة الأولى بالنسبة إلى تصحيح بعض المفاهيم الواردة في النصوص الدينية ولا تسمح لأحد أن يدنّس مقام الأنبياء وأن يحطّ من شأنهم.

الحرص

ومن جملة الروايات التي يجب أن يصحح الفرد فهمه بالنسبة إلى ألفاظها هي ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث يقول:« أُصُولُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ : الحرص ، وَالِاسْتِكْبَارُ وَالْحَسَدُ؛ فَأَمَّا الحرص ، فَإِنَّ آدَمَ عليه‌السلام حِينَ نُهِيَ عَنِ الشَّجَرَةِ حَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلى أَنْ أَكَلَ مِنْهَا؛ وَأَمَّا الِاسْتِكْبَارُ، فَإِبْلِيسُ حَيْثُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ، فَأَبَى؛ وَأَمَّا الْحَسَدُ، فَابْنَا آدَمَ حَيْثُ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ».[1]

ومن أجل أن نصل إلى الفهم الصحيح من الرواية، علينا أن نأتي بمقدمة وهي أنّ بعض الألفاظ لها مفهوم سلبي ومفهوم إيجابي والتنصيص على أحد المفهومين يحتاج إلى قرينة والقرينة إما كلامية أو مقامية، متصلة أو منفصلة، فلا نستطيع أن ننصّ على أحد المفهومين إلا بمعرفة القرائن، وكثيرًا ما نجد استخدام هكذا ألفاظ في النصوص الدينية وغيرها في كلام العرب، ومما يساعدنا على فهم هذه المقدمة، ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام): خِيَارُ خِصَالِ النِّسَاءِ شِرَارُ خِصَالِ الرِّجَالِ: الزَّهْوُ، وَالْجُبْنُ، وَالْبُخْل؛ فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِذَا كَانَتْ بَخِيلَةً حَفِظَتْ مَالَهَا وَمَالَ بَعْلِهَا، وَإِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شَيْء يَعْرِضُ لَهَا.[2] فالبخل في الرجل قبيح ولكن في المرأة حسن، وهذا يدل على أنّ بعض المفاهيم لا تكن نصّاً في المفاهيم السلبية أو الإيجابية.

وكما يبدوا لأوّل وهلة، أنّ هناك مشكلتين في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، الأولى نسبة الكفر والثانية نسبة الحرص لآدم (عليه السلام)

ولكن يتضح لنا المعنى بعد التريّث والتدقيق في اللغة وملاحظة القرائن.

أمّا الكفر فقد يتبادر المعنى الرائج إلى الذهن وهو ما يقابل الإيمان، لكن نسأل ونقول هل يصح أن يكون الكافر نبيّاً من أنبياء الله؟ فيا ترى ما المراد من لفظة الكفر هنا؟

الكفر كما جاء في اللغة: هُوَ السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ.[3] فلأنّ آدم (عليه السلام) غطّى حقيقة وستر ما أمر الله به من التجنّب عن الشجرة وعمل خلافاً لما أراده الله من أكل الشجرة وبالتالي أدّى ذلك إلى خروجه من الجنة لذا يعد هذا العمل كفراً بمعناه اللغوي لا أنّه خرج من الإيمان.

وأمّا مفردة الحرص ، فالقرآن هو كفيل بالإجابة لفهم المراد، يقول الله تعالى: فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ.[4]

فإذا أمعنّا النظر في الآية والآيات الأخرى نجد أنّ الأمر الذي دعى آدم لأن يأكل من الشجرة هو حرصه على أن يكون ملكاً أو يكون من الخالدين، و الحرص على هذين الأمرين لا يعد مذموماً لأنّ كلاهما يؤديان إلى طاعة الله، فالمك لا يعصي لله أمراً ودائماً في طاعة الله وخلود الأنبياء أيضاً من أجل الطاعة وكلاهما مطلوبان، فالحرص كما جاء في اللغة هو شدة الرغبة في الشيء فكان آدم يحرص على أن يكون ملكاً أو يكون من الخالدين في طاعة الله تعالى، فهذا الأمر سبب أن يخرج آدم من الجنة.

وأما حمل الحرص على معناه السلبي فغير صحيح فإنّ آدم ليس بحاجة إلى الشجرة لأنّ الجنة التي كان فيها غاصة بالنعم الإلهية.

 وهناك بعض الروايات عن أهل البيت تقول بأن آدم لما رأى مقام أهل البيت وعظمتهم، حرص على أن يكون في مقامهم وهذا ما أدّى بخروجه من الجنة.

وزبدة الكلام، أنّ الحرص في الرواية ليس هو كما نتصوره من الرغبة في الأمور الدنيوية لأنّ آدم عليه السلام نبيّ من أنبياء الله والأنبياء هم صفوة الله الذين يمتلكون الصفات الأخلاقية النبيلة والحسنة فكان آدم (عليه السلام) يرمز إلى ما هو أوسع وأعلى.

المصادر:

[1] . الكافي، ج3، ص709.

[2] . نهج البلاغة،

[3] . معجم مقائيس اللغة، ج5، ص119.

[4] . الأعراف، الآية20.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
6 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.