الحفاظ على وحدة المسلمين في سيرة المعصومين (عليهم السلام)

12:37 - 2022/10/12

-لا شك أن أهل البيت (عليهم السلام) في طليعة المسلمين في إيجاد الوحدة بينهم والحفاط عليها وليكونوا قدوة لجميع المسلمين من مختلف الفرق والنحل.

الوحدة

الحياة البشرية تبتني على التعايش السلمي والمجتمع الإنساني لا يصبح مثاليًا حتى يبتعد عن التفرقة والشتات، ولذا جاءت الشريعة الإسلامية المقدسة لتغرس روح الوحدة بين أبناء البشر، فنرى في القرآن الكريم آيات متعددة تتحدث وتؤكد على الوحدة، يقول الله تبارك وتعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا...[1] وفي آية أخرى يقول: إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[2] فمن نعم الإسلام على البشر هو إيجاد التآلف والمودة بين الناس وحثهم على الكلمة الواحدة.

ثم إنّه قد سعى أهل البيت (عليهم السلام) لتحكيم الوحدة بين الناس حيث نرى في سيرتهم أنّهم تخلّوا عن مناصبهم التي هي من حقهم وضحّوا بأنفسهم وتحمّلوا المشاق من أجل الوحدة وتركيزها بين المسلمين.

الوحدة

لا ينسى التأريخ مواقف النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) في رفع الضغائن والعداوات بين القبائل سيما بين قبيلتي الأوس والخزرج الذي استمر نزاعهم إلى عشرات السنين وراح إثره العديد من القتلى والجرحى ولكن حينما بعث النبي (صلى الله عليه وآله) استطاع أن ينهي هذا النزاع العضال وأن يؤالف بين الجانبين وله مواقف عديدة أخرى في رفع الاختلاف والنزاع بين الناس ذكرت في طيّات الكتب وهذه من وظائف النبوة التي جعلت على عاتق الأنبياء.

ثم الأوصياء المعصومين من بعده قاموا بهذا الواجب العظيم حيث كانوا يحافظون على الوحدة بين المسلمين أوّلًا ثم بين أتباعهم وشيعتهم ثانيًا، فأوّل المعصومين الذي حقن دماء المسلمين وبالغ في الحفاظ على الوحدة بينهم هو أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب (عليهما السلام) فإنّ السقيفة بعد النبي غصبت الخلافة من أميرالمؤمنين، فحاججهم أميرالمؤمنين في الخلافة ولكن أصروا على غيّهم بعدها سكت عن حقه حفظًا للكيان الإسلامي وابتعادًا عن زرع الفتنة بين المسلمين فمن خطبة له (علیه السلام) لما عزموا على بيعة عثمان‏: لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي؛ وَ وَاللَّهِ لَأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ وَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّةً، الْتِمَاساً لِأَجْرِ ذَلِكَ وَ فَضْلِهِ، وَ زُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَ زِبْرِجِهِ‏.[3] ثم أولاده الميامين كلهم قاموا بالحفاظ على وحدة المسلمين كالإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وصلحه مع معاوية، حيث رأى الإمام الصلح خير من القتال فإنّ فيه حقن دماء المسلمين وحفظ شوكة الإسلام. ولكن الأوضاع تغيّرت على عهد يزيد بن معاوية لأن الإسلام آل إلى الإسفار والزوال فخرج عليه الإمام الحسين (عليه السلام) لينقذ دين جده من يد الطغاة.

ثم الأئمة من بعده سعوا في إيجاد الوحدة بين المسلمين واستخدموا طرقًا عديدة لذلك وحثّوا شيعتهم على المداراة والتعايش السلمي بين المسلمين من سائر الفرق والنحل.

كل هذا يدل على الإسلام الأصيل المحمدي الذي تجسّد في حياتهم وبان في كثير من المواقف، فهم خير قدوة للمجتمع الإسلامي في الحفاظ على الوحدة فيما بينهم.

المصادر:

[1] .آل عمران، الآية103.

[2] .الأنبياء، الآية92.

[3] .نهج البلاغة، الخطبة74.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 12 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.