لم يكتف ابن تيمية بمعارضة فضائل أهل البيت الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه و آله،بل تعدى الى إنكارها حتى لو وردت في الشعر ايضاً.
أشعار ابي نؤاس في مدح الرضا عليه السلام
نقل العلامة الحلي أبيات لأبي نؤاس ، مستشهدا بها في مدح الإمام الرضا عليه السلام ، وهي قوله:
قيل لي أنت أفضلُ الناس طُرّاً * في المعاني وفي الكلام البديهِ .. الخ
فلم يستطع ابن تيمية سماعها لذا قال : " القوم جهال بحقيقة المناقب والمثالب ، والطرق التي يعلم بها ذلك ، ولهذا يستشهدون بأبيات أبي نؤاس ، وهي لو كانت صدقا لم تصلح أن تثبت فضائل شخص بشهادة شاعر معروف بالكذب والفجور . . . ".[1]
والجواب
أوّلاً : هل جميع الذين يستند ابن تيمية إلى أقوالهم من شعر وغير شعر في هذا الكتاب وغيره ، وكذا غيره من علماء طائفته ، عدول مبرّؤون من كلّ ذنب وعيب ؟ ! لماذا يتناسى الرجل استشهاده بكلام أبي سفيان الكافر،[2] وبكلام المنافقين ، لإثبات فضيلة لأبي بكر ! !
ثانياً : إن الإماميّة لا يثبتون مناقب أئمتهم وفضائلهم بالاستناد إلى شعر هذا وذاك ، بل هم في غنىً عن ذلك بالأدلّة القويمة من الكتاب الكريم والسنّة الصحيحة المتفق عليها.
وثالثاً : إن المعاني التي يتضّمنها هذا الشعر وأمثاله ، إنما هي أخبار وآثار واردة ، وليست بقضايا قد أنشأها الشاعر من عند نفسه ، فالاستشهاد في الحقيقة إنما هو بالحديث الذي تضمّنه الشعر ، ولا سيما إذا كان قائله من رواة الحديث أيضاً .
ورابعاً : إن السبب الحقيقي لكلام ابن تيمية - هو : إن أبا نؤاس من الشعراء المحبّين لأهل البيت عليهم السّلام ، وأشعاره في الإمام الرضا وآبائه تدلّ على مدح عظيم لهم ، وابن تيمية يكره المحبّ لأهل البيت المتجاهر بالمدح لهم .
وأمّا ما اشتهر عن أبي نؤاس من المجون والخلاعة ، فقد ذكروا أنه في الأغلب مما لا أصل له ، على أن ذلك لو كان ، فقد كان في أوّل العمر ، وقد ثبت عنه التوبة في آخره كما نصّ عليه ابن الجوزي .[3]
المصادر
[1] . منهاج السنة،ج 4، ص 65 .
[2] . مجموع الفتاوى، ج 27 ، ص 359.
[3] . تاريخ بغداد، ج 7 ، ص 436 ، المنتظم، ج 10 ، ص 16.