-التوحيد في الربوبية والتوحيد في العبادة من المسلّمات عند المسلمين ولا يسمح لأحد أن يتّهم مذهبًا من المذاهب الإسلامية بالشرك وما شاكل ذلك.
التوحيد الربوبي و التوحيد العبادي عند الشيعة
قد اتفق الموحدون من أوّل الخلق إلى يومنا هذا بأنّه لا ربّ سوى الله تعالى ولا أحد يستحق العبادة إلّا هو، وهاهنا محل افتراق الموحد عن المشرك، حيث أنّ المشركين يعتقدون بربّ أو أرباب سوى الله فيدبّرون بعض الأمور ولا ينفرد الله في التأثير والتدبير في العالم وعلى هذا الأساس يشركون بربهم في العبادة أيضًا.
وقد صرحت الآيات والروايات بكلا النوعين من التوحيد .
أما الآيات الدالة على التوحيد الربوبي فقوله سبحانه: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ[1] وقوله: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.[2]
وأمّا الآيات التي صرحت بالتوحيد العبادي قوله تعالى: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[3] والآية التي نرددها في كل صلاة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.[4]
ثم الشريعة المقدسة لا تكتفي بالحث على الالتزام بالتوحيد الربوبي بل تأتي بالأدلة والبراهين الواضحة لتبطل النسيج الفكري الذي نسجه المشركون لأنفسهم، يقول تبارك وتعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ[5] قال الطبرسي في تفسير الآية: أنه لو كان مع الله سبحانه إله آخر، لكانا قديمين، والقدم من أخص الصفات. فالاشتراك فيه يوجب التماثل، فيجب أن يكونا قادرين عالمين حيين. ومن حق كل قادرين أن يصح كون أحدهما مريدا لضد ما يريده الآخر من إماتة وإحياء، أو تحريك وتسكين، أو إفقار وإغناء، ونحو ذلك. فإذا فرضنا ذلك فلا يخلو إما أن يحصل مرادهما وذلك محال، وإما أن لا يحصل مرادهما، فينتقض كونهما قادرين. وإما أن يقع مراد الآخر فينتقض كون من لم يقع مراده من غير وجه منع معقول قادرا. فإذا لا يجوز أن يكون الإله إلا واحدا.[6]
ثم إنّ هشام بن الحكم سأل الإمام الصادق عليه السّلام: ما الدليل على أنّ اللّه واحد؟ قال: «اتّصال التدبير، و تمام الصنع، كما قال اللّه عزّ و جلّ: لو كان فيهما آلهة إلّا اللّه لفسدتا»[7]
فالشيعة بناءً على هذه المعارف الإلهية تعتقد أنّ الله تعالى رب العالمين لا شريك له في الخلق وأنّه إله العالمين ولا يعبد سواه.
المصادر:
[1] .الأنعام، الآية164.
[2] .المؤمنون، الآية116.
[3] .النحل، الآية36.
[4] .الحمد، الآية5.
[5] .الأنبياء، الآية22.
[6] .تفسير مجمع البيان، ج7، ص79.
[7] .التوحيد(للصدوق)، ص250.