آفة الحسد

18:06 - 2022/11/01

-الحسد من الموبقات الخطيرة التي يُبتلى بها بعض الناس وقد حذرنا الشرع منه.

آفة الحسد

يُعرف الحسد بأنه  تمني زوال نعم الله تعالى عن الآخرين، وهذا المعنى هو الذي تُشير إليه الآية الكريمة: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[1]. والحسد من الآفات الأخلاقية الفتاكة والمدمرة للحاسد أولا قبل المحسود، وذاك في قول الإمام اَلصادق عليه السلام : اَلْحَاسِدُ يُضِرُّ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُضِرَّ بِالْمَحْسُودِ كَإِبْلِيسَ أَوْرَثَ بِحَسَدِهِ لِنَفْسِهِ اَللَّعْنَةَ وَ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلاِجْتِبَاءَ وَ اَلْهُدَى وَ اَلرَّفْعَ إِلَى مَحَلِّ حَقَائِقِ اَلْعَهْدِ وَ اَلاِصْطِفَاءَ فَكُنْ مَحْسُوداً وَ لاَ تَكُنْ حَاسِداً فَإِنَّ مِيزَانَ اَلْحَاسِدِ أَبَداً خَفِيفٌ بِثِقْلِ مِيزَانِ اَلْمَحْسُودِ وَ اَلرِّزْقُ مَقْسُومٌ فَمَا ذَا يَنْفَعُ اَلْحَسَدُ اَلْحَاسِدَ وَ مَا ذَا يَضُرُّ اَلْمَحْسُودَ اَلْحَسَدُ ...".[2] وکفى به خطورة على المرء أنه يأكل حسناته کما تأكل النار الحطب، وذاك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".[3]

إن الإسلام ندبنا في نصوصه الشريفة إلى التحلي بالأخلاق الحسنة والعظيمة، وأن نسعى دائما إلى محاربة نزعات النفس وأهوائها، لكي لانخضع لوساوسها وميولاتها نحو السوء والأخلاق السيئة، ومن هنا نجد أن الله تعالى أمرنا بالإستعاذة من الحسد وأهله لخطورته على  الفرد والمجتمع، يقول الله تعالى: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِن شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.[4] وعلى هذا فإن الحسد بعيد من أن يكون خلقا و صفة للمؤمن الذي يستحضر مثل هذه التعاليم السماوية، فالمؤمن لايحسد ولايتمنى زوال نعم الله تعالى عن العباد لكي ينالها هو أو أن يبلغ به السوء والحقد درجة تمني زوال النعم عن الآخرين حتى وإن لم يحوزها هو، فذلك شر أعظم. عَنْ أَبي عبد اَللَّه عليه اَلسلام قال: إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ يَغْبِطُ وَ لاَ يَحْسُدُ وَ اَلْمُنَافِقَ يَحْسُدُ وَ لاَ يَغْبِطُ. ".[5]  

أسباب الحسد:

یذكر العلماء عدة أساب يرون فيها أقوى دافع للحسد، ومن ذلك ماذكره الإمام الخميني قدس سره في كتابه "الأربعون حديثا"، ومن هذه الأسباب:

1.العداوة: أنْ يكره الحاسد النعمة على المحسود لأنّه عدوّه.

2.التعزز: أنّ الحاسد يعتقد أنّ الآخرين سيتكبّرون عليه من خلال النعم المتوفرة عندهم وهو لا يطيق ذلك لعزّة نفسه.

3.الكبر: أنْ يكون الحاسد بطبيعته يتكبّر على الناس ، وحصول النعم عند غيره سَيَحِدُّ من تكبّره عليهم.

4.التعجب: أن تكون النعمة عظيمة في نظر الحاسد فيتعجب من حصول المحسود بمثلها.

5.الخوف: أن يخاف الحاسد من أن يزاحمه المحسود بالنعم.

6.حب الرئاسة : التي تبتنى على الاختصاص بنعمة لا يساوى فيها.

7.خبث الطينة: أن تكون نفس الحاسد خبيثة ولا تحب الخير لعباد الله.[6]

الحسد

علاج الحسد:

إلى جانب الآفات المذكورة التي تقود إلى الحسد فإن العلماء أيضا بینوا العلاج لهذا المرض العضال، منها:

1ترك المرء النظر إلى من هم فوقه من رخاء وجاه، والنظر إلى من هم دونه ليستشعر نعم الله به.

2تذكّر مساوئ الحسد ،ومايعانيه الحسّاد من صنوف المكاره والأزمات.

3الاستشعار بمراقبة الله تعالى ، والإيمان بحكمة تدبيره لعباده.[7]

ولابأس بالختام بهذه الأبيات، حيث يقول الشاعر:

واني لأرحم حاسدي لشد ما.. ضمت صدورهم من الاوغار

نظروا صنيع الله بي .. فعيونهم في جنة وقلوبهم في نار

__________________

المصادر:

[1] سورة النساء، الآية54.

[2] مصباح الشريعة، ج۱، ص۱۰۴.

[3] عدة الداعي و نجاح الساعي،ج1، ص۳۱۲. 

[4] سورة الفلق، الآية1_5.

[5] الکافي، ج2 ص307.

[6] الأربعون حديثا، الإمام الخميني، ص 98.

[7] أخلاق أهل البيت، مهدي الصدر، ص148.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
4 + 16 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.