-اعتقد المسلمون بجواز التوسل وأقاموا على مشروعيته الأدلة القرآنية والروائية ونقلوا سيرة المسلمين بالتوسل.
الشيعة تعتقد أن الله تعالى جعل فيما بينه وبين عباده وسيلة للتقرب إليه و غفران الذنوب وطلب الحوائج منه، وذلك لمصلحة اقتضتها حكمته بأن نتعرف على منزلة المتوسّل به وشأنه ومعرفة أهمية بعض الأعمال وأهداف أخرى مكنونة في التوسل. والشيعة بناءًا على التوحيد، تعتقد أن لا مؤثر في الوجود إلا الله ولا عبادة إلا له وإنّ ما يجعل الشيعة يتوسلون بأسماء الله أو بعض أولياءه أو بعض الأعمال الصالحة هو اعتبارها من جانب الله تعالى وأمره باتخاذها وسيلة للتقرب إليه وما شاكل ذلك.
وهناك إدلة قرآنية وروائية كثيرة ترشدنا إلى جواز التوسل وكذلك سيرة المسلمين أيضًا من الأدلة الواضحة على مشروعية التوسل.
وأما الأدلة القرآنية التي استدل بها على الشفاعة قول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[1] قال الطبرسي (رحمه الله): (وابتغوا إليه الوسيلة) أي: اطلبوا إليه القربة بالطاعات، عن الحسن ...فكأنه قال: تقربوا إليه بما يرضيه من الطاعات.[2] وعن السيدة الزهراء (عليها السلام): نحن وسيلته في خلقه، و نحن خاصّته و محلّ قدسه، و نحن حجّته في غيبه، و نحن ورثة أنبيائه.[3]
والآية: قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ[4] حيث إنّ في الآية دلالة على التوسل، فإنّ أبناء يعقوب (عليه السلام) جعلوه واسطة بينهم وبين الله لغفران ذنوبهم ولو كان عملهم باطلا لما استجابهم بقوله: قال سَوْفَ أسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَبِّي إنّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.[5]
وأما الروايات في باب التوسل وما يتضمن معناه عن الشيعة والسنة فهي كثيرة، منها ما جاء في الكافي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الزَّوَالِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ- بِمُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ...[6]
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام) من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله عز وجل هم العروة الوثقى وهم الوسيلة الى الله عز وجل.[7]
واستمرت سيرة المسلمين بالتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته في حياتهم وبعد مماتهم، فيذكر أن صاحب حاجة جاء في زمن عثمان إلى قبر النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فجلس بجوار القبر و دعا اللّه بهذا الدعاء: «اللّهم إنّي أسألك و أتوجه إليك بنبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نبي الرحمة، يا محمّد إنّي أتوجه بك إلى ربّك أن تقضي حاجتي» قال السمهودي إنّه لم تمض فترة حتى قضيت حاجة الرجل.[8]
ونقل عن الشافعي أنّه قال:
آل النّبي ذريعتي و هم إليه وسيلتي
أرجو بهم أعطى غدا بيد اليمين صحيفتي
ولعلماء المسلمين مباحث مطوّلة تتحدث عن مشروعية التوسل وللمتتبع أن يراجع الكتب الكلامية.
المصادر:
[1] .المائدة، الآية35.
[2] .مجمع البيان، ج3، الآية327.
[3] .شرح نهج البلاغة، ج 16، ص 211.
[4] .يوسف، الآية97.
[5] .يوسف، الآية98.
[6] .الكافي، ج2، ص545.
[7] . عيون أخبار الرضا، ج1، ص63.
[8] .الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص690.