استشكل ابن تيمية على شيعة أهل البيت عليهم السلام بأنهم يعملون بالتقية و هي في رأيه تعني الكذب و النفاق.
إن التقية من الموضوعات التي استُخدمت للطعن على الشيعة بسبب التفسير الخاطئ لها و تحميلها المفهوم البعيد عن الحقيقة، وبالمراجعة الى الأقوال يُفهم ابتداء أن التقية إظهار خلاف الواقع في الأمور الدينية بقول أو فعل خوفاً وحذراً على النفس او المال او العِرض.
إن التقية لها دور مهم في حفظ الدين، يفهم ذلك من خلال النصوص الواردة فيها، والأساس فيها من نظر الشرع هو حفظ النفس من القتل، وعدم التعرض الى المهلكات، قال تعالى - ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة.[1]
فالتقية من هذه الناحية واجبة وفائدتها تعود الى المجتمع الاسلامي، وأهل البيت عليهم السلام كانوا يهدفون من وراء ممارسة التقية وتربية أتباعهم عليها، ما هو أبعد من حقن دمائهم، وإن كان هذا في مقدمة اهتماماتهم.
دور التقية في حفظ الدين
وهذا أمير المؤمنين عليه السلام الذي نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله إماماً للأمة من بعده وبايعه المسلمون بمرأى ومسمع من رسول الله صلى الله عليه وآله، لمّا وجد نفسه بعد تجهيز رسول الله صلى الله عليه وآله ودفنه وحيداً، قال في كتاب له الى أهل مصر:
فأمسكت بيدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام، يدعون الى محق دين محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل..[2]
و لمّا انثال عليه الناس يبايعونه بعد مقتل عثمان، قام بالأمر وأراد أن يغيّر ما كان يراه مخالفا للسنة التي هو أعلم الناس بها، لم يجد آذانا صاغية.
إنه عليه السلام نهاهم عن صلاة الجماعة في النافلة فيما يُدعى بصلاة التراويح، لكن الناس عارضوه وصاحوا واعمراه، واتهموه بتغيير السنة.[3]
لقد أقرت الشريعة المقدسة لزوم التقية في موردها كتابا وسنة، وقد فعلها الصحابة كما في قصة عبد الله بن وهب وحبيب بن زيد المازني لمّا أخذهما مسيلمة الكذاب، فقال: أتشهد أني رسول الله؟ فأبي أن يشهد فقتله، واقرّ له عبدالله بن وهب فحبسه ولم يقتله حتى جاء المسلمون وأنقذوه، والقصة معروفة في كتب التاريخ.[4]
المصادر:
[1] . سورة البقرة، الآية 195.
[2] . شرح نهج البلاغة للمعتزلي، ج17، ص151.
[3] . بحار الانوار، ج31، ص 8-9.
[4] . مصنف ابن أبي شيبة، ج7، ص 642.