واقعة المباهلة بروايات سنية

لقد أُعطي أهل البيت عليهم السلام مالم يُعطى أحدا من العالمين، فخُصّوا برفعة المقام وعظم الفضائل، ومن الأدلة البارزة على فضيلتهم نزول آية المباهلة فی حقهم وهی قوله تعالى: {فَمَن حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَعنَتَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ}[1]. یقول الشعبي قال جابر: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي علیه السلام، و {أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} الحسن والحسين علیهما السلام، {وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} فاطمة عليها السلام.[2]

ففي واقعة المباهلة مع رجال نجران خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم للمباهلة والملاعنة بهم. وهذه فضيلة لأهل البيت عليهم السلام ورسالة إلهية على جلال قدرهم ومنزلتهم. وهنا لابأس أن نشير إلى هذه اللفتة وهي قول الإمام الرضا عليه السلام عندما سأله المأمون؛ ما هي أكبر فضيلة للإمام علي عليه السلام في القرآن؟ فقال عليه السلام: فضيلته في المباهلة، حيث دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين عليهما السلام فكانا ابناه، ودعا فاطمة عليها السلام وكانت في هذا الموضع نساؤه، ودعا أمير المؤمنين عليه السلام فكان نفسه بحكم الله، وقد ثبت أنه ليس أحد من خلق الله أجلّ من رسول الله وأفضل، فوجب أن لا يكون أحد من نفس رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله بحكم الله.[3]  لكن ابن تيمية كعادته حاول ضرب هذه الفضائل بتخريجات مبتورة يملأها العداء والحقد لأهل البيت عليهم السلام، فحتى مع اعترافه بأن الخروج كان بهؤلاء الأطهار إلا أن ذلك لم يكن مانعه من التنقيص، فقال: "أما أخذه عليا وفاطمة والحسن والحسين فهو حديث صحيح رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص ... ولكن لا دلالة في ذلك على الإمامة ولا على الأفضلية".[4]

المباهلة في كتب السنة:

ينقل غير واحد من علماء العامة في كتب الأحاديث والتفاسير والتاريخ أن الذين خرج بهم الرسول صلى الله عليه وآله يوم المباهلة هم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. ومن ذلك:

1. عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي اللَه عنهم، فقال: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ".[5]

2. أخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال لما نزلت هذه الآية قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي.[6]

3. أخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر اليشكري قال لما نزلت هذه الآية قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم الآية أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى على وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ودعا اليهود ليلا عنهم فقال شاب من اليهود ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير لا تلاعنوا فانتهوا.[7]

____________________

المصادر:

[1] سورة آل عمران، الآية61.

[2] دلائل النبوة، ص353. <بتصرف>

[3] الفصول المختارة، ص38.

[4] منهاج السنة، ج7، ص123.

[5] المستدرك على الصحيحين، ج3، ص163.

[6] الدر المنثور،ج٢، ص39.

[7] الدر المنثور،ج٢، ص39-٤٠.