فاطمة الزهراء في القرآن الكريم

كثيرة هي الآيات التي تحدثت عن قدسية فاطمة الزهراء سلام الله علیها ومكانتها السامية، وقد جمع بعض العلماء الآيات التي نزلت في فضل فاطمة وأهل البيت عليهم السلام فبلغت (٢٥٨) آية من الذكر الحكيم، ولو نزلت آية واحدة في شأنها لكفى، غیر أن هذا الكم الكبير من الآيات فيه اشعار على العظمة ورفعة المقام عند الله عز وجل لهذه الطاهرة المطهرة.

آيات في فاطمة عليها السلام:

-الآية الأولى:

قوله تعالى: {... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }.[1] تشمل هذه الآية المباركة فيمن تشمل السيدة فاطمة الزهراء سلام الله علیها بل هي محور الآية وأساسها .. لأنها نزلت في أهل بيت النبوة وفاطمة الزهراء معنية بهذا الخطاب الإلهي أيضا .. وقد أورد مسلم في صحيحه أن الآية نزلت في خمسة : النبي صلى عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام وذلك في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أهل البيت وهو الحديث المعروف بحديث الكساء.

-الآية الثانية :

قوله تعالى : {... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ...}.[2] لقد جعل الله سبحانه وتعالى أجر الرسالة مودة أهل البيت ومنهم فاطمة الزهراء ، فالآية نزلت في قربى الرسول وهم علي وفاطمة والحسن والحسين كما نقل ذلك أعلام الحديث والتفسير مثل الحاكم الحسكاني الحنفي.[3] إنها العظمة والرفعة .. لقد وزن الله تعالى الرسالة المهيمنة على كل الرسالات بمودة القربى .. لقد استحقت فاطمة هذا الوسام الإلهي بجدارة ويكفينا لتأكيد ذلك تسطيرها ضمن آيات الذكر الحكيم .. إنه رصيد يضاف لمناقب الزهراء وفضائلها.

-الآية الثالثة :

قوله تعالى: {... فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }.[4] لم يختلف المسلمون أن هذه الآية أيضا من مختصات أهل البيت فهي نزلت يوم مباهلة نصارى نجران وقد أمر الله تعالى النبي صلى‌الله‌عليه ‌وآله‌ وسلم أن يأخذ معه عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. فكانت هذه الآية. وهذا ماورد في كتب العامة.[5]

وهكذا مثلت فاطمة كل نساء الأمة وكانت المباهلة بمثابة تثبيت للرسالة ، ولأهمية الحديث وعظمته في مسيرة الإسلام كان المباهل بهم مع النبي صلى‌الله‌عليه ‌وآله‌ وسلم هم علي وفاطمة وابناهما .. مع أن الآية ذكرت نساءنا بصيغة الجمع إلا أن التمثيل المقدس كانت فاطمة فقط دون غيرها من النساء ولا حتى نساء النبي صلى‌الله‌عليه ‌وآله ‌وسلم فتأمل.

ومن الآيات الأخرى؛ قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}.[6] إلى قوله تعالى: {إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا}.[7] هذه الآيات نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين بمناسبة قصة صيامهم ثلاثة أيام وتصدقهم في تلك الأيام الثلاثة بطعامهم على المسكين واليتيم والأسير بينما هم في أشد الحاجة إلى الطعام لإفطارهم .. ولقد ذكر جمع كبير من المحدثين والمفسرين أن هذه الآيات نزلت في هؤلاء الأربعة؛ منهم الزمخشري في كشافه.[8]

إن نزول هذه الآيات وغیرها في فاطمة علیها السلام ينبوع آخر لكرامتهم ومكانتهم عند الله .. إذ أن الخالق جل وعلا خاطبهم من عليائه بصيغة الأمر الذي أبرمه وفرغ منه﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا}[9] إلى آخر الآيات.

هذه هي حقيقة الزهراء فاطمة وتلك هي مكانتها عند الله.

_____________________

المصادر:

[1] سورة الأحزاب، الآية33.

[2] سورة الشورى، الآية23.

[3] شواهد التنزيل ج ٢ ص١٣٠.

[4] سورة آل عمران، الآية61.

[5] مسند أحمد بن حنبل،ج١، ص١٥٨.

[6] سورة الانسان، الآيات: 5 – 7.

[7] سورة الانسان، الآية22.

[8] الكشاف ج ٤ ص ٦٧٠.

[9] سورة الانسان، الآية11 و12.

المصدر: بنور فاطمة علیها السلام اهتديت، ص69-73. <بتصرف>