موقف السنة من الصحابة

إن السنة لها من الأهمية الفائقة في اعتقاد كل مسلم، فلابد للباحث في دراسته أن يتجنب التعصبات والأهواء حين الدراسة، لذا نكتفي بالموجز مما جاء في كتب القوم مما يبين أحوال الصحابة وأوصافهم.

أخرج البخاري في صحيحه حديث: لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شيرا بشبر، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا حجر الضب لاتبعتموهم، قلنا يارسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟[1]

إن للباحث أن يتسائل عند قراءته لهذا الحديث، من هو المقصود بالصحابة الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وآله بأنه يتبعون سنن اليهود النصارى شبرا بشبر وذراعا بذراع؟

وماذا كانت سيرة اليهود والنصارى المذمومة مع أنبياءهم؟ إن القرآن الكريم يجيب على هذا السؤال ويقول: أما اليهود فإنهم عصوا أمر نبيّهم وآذوه وعبدوا العجل في غيابه وتأمّروا على أخيه هارون وكادوا أن يقتلوه، والمسيحيون ارتدوا بعد إيمانهم بالله وتأمّروا على النبي عيسى ووصل بهم الامر أن باهتوا بأمه الطاهرة، وهدّدوه بالقتل وعلى زعمهم قتلوه وصلبوه، فتسببوا اختلاف الأمة من بعده وتفرقوا الى فرق عديدة.

إن من حق كل مسلم أن يدرس هذا الحديث دراسة معمقة علمية خصوصا إذا أضفنا الى ذلك رواية حذيفة: لتركبنّ سنة بني اسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.[2]

ورواية أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، حيث بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال ابو بكر: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم، أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي.[3]

الروايات تنفي قدسية الصحابة

إنه بعد ملاحظة هذه الروايات وغيرها وهي كثيرة، هل هناك عاقل يفرض على نفسه قدسية مثل هؤلاء الصحابة وتنزيههم بصورة جماعية دون أن يستثني منهم أحداً؟

أم ينظر في أحوالهم من زاوية أعمالهم وسلوكهم، بالضوابط الشرعية والعقلية والتفكيك بين الخيّر منهم وغيره؟

إن الصحابة كسائر البشر تتقاذفهم دواعي الخير والشر، والمصنفات تنقل أن بعض الصحابة أراد اغتيال النبي صلى الله عليه وآله عند رجوعه من تبوك الى المدينة.[4] كما أراد اليهود قتل هارون، وأراد المسيحيون قتل المسيح.

المصادر

[1] . صحيح البخاري، ج8، ص151.

[2] . المصنف لابن ابي شيبة، ج8، ص636، ح279.

[3] . الموطأ لمالك بن أنس، ج2، ص461، ح2.

[4] . سنن الكبرى للبيهقي، ج9، ص33.