دعائم الوحدة بين المسلمين

لاشك أن الوحدة الإسلامية بين الأمة الواحدة عامل رئيسي وفعال في استقرار المجتمعات والبلدان الإسلامية ودفع كل شر عنها. وهذا الشر قد يكون داخليا كتعرض بعض الأشخاص في المجتمع الإسلامي من بعض المتطرفين والمتعصبين للسب والشتم واللعن ولربما القتل فتُنتهك الأعراض وتُسلب الأموال وتراق الدماء فلا يبقى حفظ للنفوس والحقوق والحرمات. ومنه مايكون خارجيا كسطوة الأعداء على البلاد الإسلامية وسيطرتهم على خيراتها وثرواتها والتحكم فيها . غير أن الأمة الواحدة صاحبة الدين الواحد إذا جعلت الوحدة التي قوامها مبادئ الإسلام لا غير بعيدا عن الإعتزاز الأعوج والأسود بالعرق والبلد والقبيلة والقومية ؛ فإنها وحينها فقط ستكون في أمان من كل شر. ومبدأ الوحدة الإسلامية دعا إليه الكتاب العزيز كما في قوله تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا }.[1]

وجاء في الروايات الشريفة عن أهل البيت عليهم السلام ما ينهى ويُحذر من الركون إلى أسباب الخلاف والتفرقة والتشرذم كالتكفير[2] والتقاتل[3]

الإمام الخميني ودعائم تحقيق الوحدة الإسلامية:

إن مايجمع الأمة الإسلامية بكل مذاهبها أكثر بكثير مما يفرقها . ومن هذا الأساس يبين الإمام الخميني قدس سره بعض السبل والأسس التي تُعتبر من أهم دعائم الوحدة بين المسلمين، وهذا ما نعرضه تحت عنوانين:

الأول: الحج:

لا ريب أن شعيرة الحج من أهم الدعائم في تعزيز الوحدة بين أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وفي هذا يقول الإمام الخميني قدس سره: "الحج هو تنظيم وتدريب وتأسيس لهذه الحياة التوحيدية، والحج هو ميدان تجلي عظمة طاقات المسلمين واختبار قواهم المادية والمعنوية. الحج كالقرآن، ينتفع منه الجميع... فإنه يجب على المسلمين المبعوثين من قبل الخالق تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي للحج إضافة إلى محتواه العبادي... ومن جملة الوظائف في هذا الاجتماع العظيم دعوة الناس والشعوب الإسلامية إلى وحدة الكلمة وإزالة الاختلافات بين طبقات المسلمين، ويجب على الخطباء والكتّاب المساهمة في هذا الأمر المهم وبذل الجهد من أجل إيجاد جبهة المستضعفين، فيمكن ـ من خلال وحدة الجبهة، واتحاد الكلمة، وشعار لا إله إلا الله ـ التخلص من أسر القوى الشيطانية للأجانب والمستعمرين والمستغلين، والتغلب على المشاكل من خلال الأخوة الإسلامية".[4]

الثاني: كون أن العدو مشترك:

إن وحدة العدو أكبر دافع إلى الوحدة بين المسلمين وقد أكد هذا الإمام الخميني رحمة الله عليه كثيرا في خطاباته ومنها قوله قدس سره: 

"في مرحلة هجوم القوى الكبرى على البلدان الإسلامية مثل (هجوم السوفيت) على أفغانستان وقتل المسلمين الأفغانيين دون رحمة وبوحشية لمعارضتهم تدخل الأجنبي في مقدراتهم، أو أمريكا الضالعة في كل فساد، ومع الهجوم الشامل الذي تشنه إسرائيل المجرمة على المسلمين في فلسطين ولبنان العزيز، ومع تنفيذ المشروع الإسرائيلي الإجرامي الرامي إلى نقل عاصمتها إلى بيت المقدس وتوسيع جرائمها ومذابحها الوحشية بين المسلمين المشردين من أوطانهم، وفي هذا الوقت الذي يحتاج فيه  المسلمون أكثر من أي وقت آخر إلى وحدة الكلمة، فإن عملاء قوى الاستكبار في مركز القوة في بلاد المسلمين يدعون إلى التفرقة بين المسلمين، ولا يألون جهداً في ارتكاب كل جريمة على هذا الطريق، يأمر بها سيّدهم".[5]

هذا قليل من كثير من كلمات السيد الإمام رضوان الله تعالى عليه؛ القائد الثائر في وجه التفرقة والخلاف بين المسلمين، وأحد أبرز الرموز الإسلامية التي دعت إلى وحدة الكلمة وتوحيد صف البلاد الإسلامية في وجه أعدائهم. ولكن هل ثمة حياة لمن تُنادي؟

_________

المصادر:

[1] سورة آل عمران ، الآية103.

[2] بحار الأنوار، ج69، ص209.

[3] أعيان الشيعة، ج1، ص290. 

[4] الوحدة الإسلامية في فكر الإمام الخميني، ص15_16.

[5] الوحدة الإسلامية في فكر الإمام الخميني، ص17_18.