-يبحث الانسان دائما عن الأجود والأحسن في كل شيء ومنها اختيار الصديق، وهذه حالة فطرية يعترف بها كل عاقل.
إن الاصدقاء طبقات ليسوا على مستوى واحد، وكلّما تعددت الطبقات صعب اختيار الصديق الذي ترتاح له النفس والذي فيه الصفات الحميدة كما يريدها أهل البيت عليهم السلام.
يقول الامام الصادق عليه السلام في وصف طبقات الاصدقاء:
"إنّ الذین تراهم لک أصدقاء إذا بلوتهم وجدتهم علی طبقات شتّی، فمنهم کالأسد فی عظم الأکل وشدّة الصولة، ومنهم کالذئب فی المضرّة، ومنهم کالکلب فی البصبصة، ومنهم کالثعلب فی الروغان والسرقة، صورهم مختلفة والحرفة واحدة، ما تصنع غداً إذا ترکت فرداً وحیداً، لا أهل لک ولا ولد، إلاّ الله ربّ العالمين"[1]
لذا لابد من أخذ الحيطة والحذر في انتخاب الصديق ، وأهم ما يعيننا على ذلك المراجعة الى أحاديث وسيرة أهل البيت عليهم السلام.
لأنهم منابع العلوم ومناهل الفضائل، وهُمْ عدل القرآن الكريم والثقل الثاني الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وآله لهداية الأمة. بهم يرتوي الظمآن ويجد ضالته في أحاديهم وسيرتهم.
إن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الصديق لا تنحصر بالماديات، وإن كانت بعض الاحاديث فيها إشارة الى ذلك كقول الامام الباقر عليه السلام: "بئس الأخ أخ یرعاک غنیاً ، ویقطعک فقیراً."[2]
لكن الاهتمام الاكثر في الاحاديث ناظر الى الجهة المعنوية في الصديق ، فقد قیل للنبیّ الأکرم محمد صلی الله علیه وآله: "أیّ الأصحاب أفضل؟ قال: إذا ذکرت أعانک، وإذا نسیت ذکّرک.[3]
قانون معرفة الصديق
إن الإمام الصادق عليه السلام يضع لنا قانونا نعرف به من يستحق الصداقة من غيره، يقول:
"اختبروا إخوانکم بخصلتین، فإن کانتا فیهم وإلاّ فاعزب ثمّ اعزب، المحافظة علی الصلوات فی مواقیتها، والبرّ بالإخوان فی العسر والیسر.[4]
وقال الرسول الأکرم : "إذا رأیت من أخیک ثلاث خصال فارجه: الحیاء والأمانة والصديق ، وإذا لم ترها فلا ترجه."
وهنا سؤال قد يطرح: إذا بحثنا فلم نجد تلك الصفات مجتمعة في رجل فهل نعتزل الناس؟ يجيب الامام الصادق عليه السلام ويقول:
"من لم یواخِ إلاّ من لا عیب فیه قلّ صدیقه"[5]
إذن فالطريقة المثلى أن يحتاط في صداقة الصديق، ويسعى الى مصادقة الاتقياء فإنه سوف "یأتی علی الناس زمان إذا سمعت باسم الرجل خیرٌ من أن تلقاه، فإذا لقیته خیر من أن تجرّبه، ولو جرّبته أظهر لک أحوالا."[6]
المصادر
[1] . بحار الأنوار، ج71، ص178.
[2] . الإخوان لابن أبي الدنيا، ص217.
[3] . البيان والتبيين،ج 2، ص 17.
[4] . وسائل الشيعة، ج ١٢، ص ١٤٨.
[5] . عوالم العلوم، ج20، ص843.
[6] . ميزان الحكمة ، ج ٣، ص496.